تحقيقات وتقارير

بعد عطلة العيد: مؤسسات الدولة.. الغياب (يتوهط)


حسب الإحصاءات الغير رسمية فإن حوالي 750 ألف موظف فى مؤسسات الدولة أغلبهم من الأقاليم وأن حوالي 35% منهم يعملون فى العاصمة، ووفقاً لتلك الإحصاءات فإن موظفي العاصمة من الأقاليم ما زالوا مسجلين غياب تام عن المؤسسات الحكومية فى الدولة حتى نهار أمس، وتشير أيضاً الإحصاءات إلى أن نسبة الغياب فى مؤسسات الدولة للأعوام الثلاثة الماضية بلغت 75% فى أيام الأعياد والعطل الرسمية وتتوزع إلى 40% في أيام العطل الأسبوعية، ويأتي غياب موظفي الدولة حسب جولة لـ(ألوان) التي وقفت على عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية بفاقد فى الطاقة العاملة بحوالي 55% وهى نسبة تتسق مع الفاقد من طالبي الخدمة سيما وان أخر إحصائية للمرور فى تفويجها لهذا العام بلغ 3 ملايين مواطن من العاصمة إلى الولايات، وتشير متابعاتنا إلى أن نسبة الغياب فى مؤسسات الدولة ليوم أمس كانت كبيرة مقارنه مع بقية الأعياد الأخرى فى السنوات الماضية.

أسباب غيابك:

عزا البعض تلك الغيابات إلى أن نهاية العطلة أتت منتصف الأسبوع وهو ما يجعل موظفي الدولة يمددون الإجازة الى نهايتها، وينظر خبراء فى الخدمة المدنية الى أن الغياب فى مؤسسات الدولة السودانية يأتي ضمن سلسلة الانهيارات التي ضربت الخدمة المدنية سيما وان هناك هيئة كانت تدعى هيئة الرقابة وهى هيئة منوط بها تنظيم الحضور والغياب فى مؤسسات الدولة على مدار العام وتعمل بكفاءة عالية وانضباط حيث يمنع تواجد الموظفين خارج منظومة العمل الرسمي لأى سبب من الأسباب حتى نهاية الدوام بالإضافة الى عدم إهدار الوقت أثناء ساعات العمل الرسمية ووضع المواطن وطالب الخدمة فى سلم أولويات الموظف الحكومي فى الخدمة، وينظر خبراء الخدمة المدنية الى غياب منظومة هيئة الرقابة على المؤسسات الحكومية وهى جهة مستقلة صاحبة سيادة على مؤسسات الدولة ترفع تقريرها ربع السنوي إلى رئاسية الجمهورية مما يتيح لمؤسسة الرئاسة ان تتخذ ما تراه مناسبا فى مثل تلك الحالات.

انهيار الخدمة:

غير ان الانهيار الذي ضرب الخدمة المدنية فى مقتل ساهم فى إهدار كثير من الوقت والجهد كذلك دون عائد معلوم فى النتاج القومي الإجمالي، وتشير الدراسات إلى أن نهضة السودان تحتاج إلى أن يرتفع المواطن السوداني بساعات العمل من 8 ساعات إلى 12 ساعة يوميا فى كل القطاعات الإنتاجية علي ان يحكم الجميع بقانون عمل مجزي ومرض لكل الأطراف سواء على مستوى الأجور والبدلات والتحسين المستمر والاهتمام بتدريبه وتأهيله بالشكل المطلوب بالإضافة الى وضع الإجازات السنوية للموظفين بعين الاعتبار وأخذها إجباريا وعدم السماح لهم بتبديلها بالمال.

وزارة العمل:

تأتي إجراءات وزارة العمل الأخيرة التي أصدرت بموجبها منشورا حدد فيه مواعيد الإفطار والصلاة ضمن الإجراءات التي تسعى الوزارة إلى إعادة الحياة للخدمة المدنية غير أن أكبر ضلع فى تلك المنظومة حسب مراقبون يعتبر مفقودا، وهو التفتيش الإداري الذي يتبع لوزارة العمل تحت إشراف ضباط عمل بصلاحيات موسعة أشبه بوكلاء النيابة فى وزارة العدل وهو من التحديات الكبيرة التي تواجه الدولة السودانية سيما وان فرق التفتيش الادارى التي كانت تعمل فى سابق الأزمان تعد من أشرس الفرق التي تراقب الخدمة المدنية فى أداء الموظفين الى أعمالهم وهو واحدة من الحلقات المفقودة حالياً.

الغياب المتكرر:

يشير مصدر مطلع بوزارة العمل لـ(ألوان) مسألة الغياب المتكرر من قبل الموظفين في الخدمة المدنية يرجع إلى عدم الضبط الإداري والمؤسسي لتلك المؤسسات كما أن وزارة العمل صاحبة اليد العليا فى مؤسسات الدولة، وأقر المصدر الرفيع بضعف الرقابة الإدارية على مؤسسات الدولة كما نبه إلى أن هناك خطوات عملية بدأت في تصحيح هذا المسار ترى النور قريبا، وشدد المصدر على أهمية مراجعة التوزيع الجغرافي للتوظيف خاصة وان التوظيف الذي تم خلال السنوات الماضية كان فيه كثير من المحاباة والمجاملات مما تسبب فى شلل تام لبعض المؤسسات بسبب وجود عدد من ذوى القربى فى وظائف بذات المؤسسة، وطالب باعتماد التوزيع الفدرالي للوظائف المبنى على التنقلات الوظيفية للولايات وفق جدول مرسوم كان معمول به فى السابق وعدم اعتماد التوظيف الولائي سيما وأن التجربة أثبتت فشلها فى ترقية الخدمة المدينة فى تلك الولايات، تكرار غياب الموظفين فى مؤسسات الدولة فى مناسبات الأعياد ليست هى المرة الأولى وبالطبع، ولن تكون هى الأخيرة إن لم تتخذ الدولة ممثلة فى مجلس الوزراء المسئول الأول عن الوزارات ومؤسسات الدولة المختلفة قرارات صارمة للحد من التسيب الذي يضرب الخدمة المدنية.

تجربة الوزير:

تعد تجربة الوزير السابق بمجلس الوزراء كمال عبد اللطيف من انجح التجارب من خلال السنوات الماضية والتي كانت تحدد العطل الرسمية بثلاث أيام فقط مع التواجد الميداني لشخص الوزير فى المؤسسات الحكومية بعد أيام الإجازة حافزا ودافعا لتحريك عجلة دولاب العمل الحكومي بالإضافة الى وجود مدراء الإدارات فى وزاراتهم فى وقت سابق غير ان عدم اعتماد التجربة التي وأدت بعد ذهاب الوزير ساهمت فى ان يصبح التسيب سيد الموقف.

عبد العزيز النقر
صحيفة ألوان