عبد الباقي الظافر

هل الخضر كبش فداء؟


في ذاك اليوم قرر عبدالرحمن الخضر الاستقالة من منصبه كوال للخرطوم..ذهب الى مسؤول رفيع في القصر الجمهوري واضعا خيار الاستقالة بين يديه ..في تلك اللحظة كانت فضيحة مكتب والي الخرطوم السابق عبدالرحمن الخضر تتضخم مثل كرة الثلج مع صباح كل يوم جديد..لم تكن المشكلة في الذين وافق الوالي على منحهم تخفيضات بل القضية كانت في تزوير إرادة الوالي وخاتمه الرسمي في بيع أراض في (سوق الله اكبر)..رغم ان الوقت كان مناسبا ليتحمل الخضر المسؤولية الأدبية ويغادر منصبه الا ان المسؤول الرفيع طلب منه الاستمرار في عمله دون الالتفات الى الحملات الاعلامية.

الخطوة التالية التي شرع فيها الخضر كانت خيار ان تمضي القضية بتفاصيلها الى القضاء وأعرب الرجل عن استعداده للمثول امام اي تحقيقات وقد حدث ذاك بالفعل ..لكن مراكز قوة رأت استخدام فقه السترة ووادت القضية عبر استخدام مادة التحلل ..على عجل تمت تسوية عادت ببعض المال للخزينة العامة ..اما سمعة الدولة فقد ذهبت مع الريح..لم يعد الان ممكنا اعادة محاكمة المتهمين والرائ هذا لخبير قانوني في منزلة الدكتور علي السيد.. الثابت في القانون ان المتهم لا يحاكم مرتين في جريمة واحدة..تلك التسوية اضاعت معالم القضية.

في تقديري..ان الحكومة كانت تفكر في تلك اللحظة بحسابات سياسية. رفضت استقالة الخضر حتى لا يظن المعارضون ان الحكومة اصابتها هشاشة العظام ولم تقو على الصمود في قضية واحدة..الجانب الاخر ان الانتخابات كانت على الأبواب واراد صناع القرار السياسي الا تحدث قضية فساد مكتب الوالي (شوشرة) في موسم التنافس السياسي فتم اللجوء الى التحلل .

لكن السؤال..اين وقفت هذه القضية..سمع الناس ان وزير العدل السابق حاول التراجع عن تسوية التحلل..لكن في ارض الواقع لم يحدث جديد..صحيح ان وزير العدل الحالي أعاد الملف مرة اخرى الى سطح الأحداث الساخنة..بتكوينه لجنة تحقيق برئاسة نائب المدعي العام..ولكن في الحقيقة ان الوزير في قراره الجديد يبحث عن تسوية اخرى تقتضي ان يقوم الذين اشتروا أراض استثمارية بدفع مبلغ التخفيض الذي منحته لهم الحكومة..هنا يصبح السؤال لماذا استبق الوزير نتائج التحقيق..وهل هذه الممارسة حدثت فقط في عهد الوالي الخضر ام ان ولاة سابقون فعلوا ذات الشيء ومنحوا تخفيضات على أراض سكنية واُخرى زراعية.

في تقديري ..ان القضية يحب ان ينظر اليها بشكل أعمق وأوسع ..اي قرش مضى الى الجيب الخطا يجب ان يعود الى الخزينة العامة ..كل ذلك عن طريق القضاء العادل..ليس في الخرطوم بل في عموم السودان .اللجوء الى القانون اجراء متحضر وشفاف.

بصراحة..التركيز على عبدالرحمن الخضر كأنه اول من استنبط سياسة التخفيضات يضعف ثورة وزير العدل ويجعل الامر في خانة تصفية الحسابات السياسية عبر إيجاد كباش فداء ذهب عنهم السلطان.