الصادق الرزيقي

البحث عن حل للجنوب


> من المفيد أن نُطلع القارئ على كثير مما دار في الاجتماع رفيع المستوى بشأن دولة جنوب السودان، وهو من أهم الاجتماعات التي عُقدت في الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة في مقرها بنيويورك، وقد دعا لهذا الاجتماع الخاص الأمين العام بان كي مون، وحضره عدد من قادة الدول الإفريقية والمفوضية العامة للاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي أعضاء مجلس الأمن الدولي الخمسة عشر، والشركاء الدوليون وممثلو الإيقاد والبلدان المانحة وممثلون من دول عديدة مهتمة بقضية السلام ووقف الحرب في جنوب السودان، هذا بالإضافة إلى أطراف النزاع وفد حكومة دولة جنوب السودان، ووفد المعارضة بقيادة د. رياك مشار الذي وصل إلى نيويورك على رأس وفد كبير، وباقان أموم قد جاء ممثلاً كما قدم في الاجتماع بأنه ينوب عن المعتقلين السابقين عقب اندلاع الأوضاع والحرب الدائرة.
> بدأ الاجتماع بكلمة للسيد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، موضحاً أن الاجتماع يُعقد بشكل خاص لتوفير الدعم السياسي للاتفاق الذي وقِّع في أغسطس الماضي بين الحكومة والمعارضة في دولة الجنوب، ولإرسال رسالة موحدة من المجتمع الدولي للمتحاربين لتنفيذ الاتفاق، وأهم ما قاله بصورة قاطعة: «لا بديل لتطبيق الاتفاقية إلا تطبيق الاتفاقية بطريقة جادة وصادقة».
> رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين، أمَّن على ما جاء في كلمة الأمين العام، ألا بديل للاتفاقية إلا تطبيقها، وهي خطوة أولى نجاحها يحتاج إلى ركيزتين هما، التزام الطرفين في الجنوب، ودعم المجتمع الدولي، وتناول مخرجات ورشة العمل الخاصة التي عقدت في أديس أبابا عقب الاتفاقية للعمل على تنفيذ وقف إطلاق النار، وحذر ديسالين من خطورة تبادل الاتهامات بين طرفي الاتفاقية، وأشاد بما حققته الإيقاد وهو يجد الدعم من المجتمع الدولي. وختم حديثه بجملة حادة وشديدة الوطأة:
«على قادة الجنوب أن يثبوا للجميع أنهم.. قادة»!!
> نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي «ايراتوس موينشا»، أشار في كلمته إلى أن قمة خاصة للدول الأعضاء في مجلس الأمن والسلم الإفريقي، عقدت اجتماعاً خاصاً في نيويورك خلال الدورة الحالية للجمعية العامة وبحثت قضية جنوب السودان وتقرير اللجنة الدولية حول الانتهاكات في الحرب بجنوب السودان.
> الرئيس سلفا كير ميارديت رئيس دولة الجنوب، قال في كلمته من جوبا عبر الأقمار الاصطناعية مخاطباً الاجتماع عبر شاشة ضخمة نصبت في المنصة، إنه وقَّع الاتفاقية رغم تحفظاته عليها، وهي تحفظات وليست شروطاً. وتعتبر محاذير مهمة تتطلب مراعاتها عند التطبيق الدقيق للاتفاقية، واتهم الطرف الآخر بخرق الاتفاقية ووقف إطلاق النار، وذكر تسعة خروقات بتواريخها في أغسطس وسبتمبر، وقال: «أثناء هذا الاجتماع تم خرق وقف إطلاق النار من المتمردين ولا بد من حثهم على الالتزام واحترام الاتفاق».
> وزير الخارجية البرف إبراهيم غندور قدم كلمة السودان، وقال إن استقرار الجنوب هو استقرار السودان، وأمنهما لا يتجزأ، ولذا سارع الرئيس عمر البشير بزيارة جوبا محاولاً طي الخلاف في مهده، ولم تنقطع جهود السودان في إطار الإيقاد من أجل إنهاء الصراع والحرب حتى تم التوصل للاتفاق، وأشار الى أن استعادة الاستقرار والأمن في الجنوب سيمكِّن من تنفيذ الاتفاقيات الموقَّعة في «27» سبتمبر 2012م بين السودان وجنوب السودان. وشكر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لمبادرته ودعوته مع وزير خارجية دولة الجنوب الى الاجتماع المشترك في موسكو لتعزيز علاقات الإخاء والتواصل بين السودان وجنوب السودان. ثم تحدث وزير خارجية أنغولا عضو مجلس الأمن الدولي، وتلاه وزير خارجية تشاد موسى فكي، مشيراً إلى أن لقاء الرئيسين البشير وموسفيني في الخرطوم أخيراً يمثل دفعة لتنفيذ الاتفاقية.
> عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، ومانحون تحدثوا في الاجتماع حاثين الأطراف الجنوبية على الالتزام بالاتفاقية وتطبيقها، وأكدوا الدعم السياسي الدولي لتنفيذ الاتفاق.
> زعيم المتمردين الجنوبيين د. رياك مشار تحدث في الاجتماع مؤكداً التزامه بالاتفاقية ووقف إطلاق النار والاتفاقية، معرباً عن أسفه لتواصل القتال واستمراره لأكثر من «21» شهراً، وقال إن هناك أكثر من مليون لاجئ جنوبي، وتوجد قضايا معلقة لم تعالجها ورشة العمل، خاصة في أديس أبابا وهي وقف إطلاق النار ووجود القوات في جوبا والترتيبات المتعلقة بها، ورد على اتهامات سلفا كير وقال: «لا أريد تبادل الاتهامات مع الرئيس سلفا كير لكنني أرجع للمثل العربي الذي يقول «ضربني وبكى وسبقني اشتكى». فمواقعنا هي التي تتعرض للقصف والضرب.
> باقان أموم ممثل المعتقلين السابقين طالب الطرفين المتقاتلين بعدم التمسك بالتحفظات والشروع في تطبيق الاتفاقية والوقف الفوري لاختلاق الشروط، وقال: «الجنوب في حاجة لمساعدة المجتمع الدولي، وشعبه يحتاج لدعم بناء السلام وإعادة التصالح والمصالحات والمحاسبة.. وما حدث هو أزمة قيادة»..
> وفي نهاية الاجتماع، صدر بيان ختامي حث الأطراف على تطبيق الاتفاقية والتقيد بنصوصها، والانخراط مع الإيقاد وشركائها ودعم بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في تنفيذ الاتفاق ونشر قوات لفض الاشتباك، وأدان انتهاكات وخروقات حقوق الإنسان والقانون الدولي، ورحب الاجتماع بقرار إنشاء محكمة خاصة ومستقلة لجرائم الحرب، وقال البيان إنه لا بد من محاكمة منتهكي جرائم الحرب.