هيثم صديق

منصور خالد غزارة في التفكير وسوء في التطبيق


لا تنتطح عنزان في فلاة في أن الدكتور منصور خالد يعد من أكبر المفكرين في البلاد إن لم نشطح وتواضعنا، ومن أعظم المثقفين (العرب) إن وافق هو ورضي، وذلك من خلال منتوجه الكبير وتجربته الثرة في الحكم والمعارضة من ترويض الأنظمة، كما فعل لمدة مع مايو وإلى (تمريض) الحركات المتمردة كما فعل لزمن طويل مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، حتى (وفاتها) بانفصال الجنوب.

تابعت حواره في فضائية الشروق عندما حل ضيفا على الأستاذ ضياء الدين بلال، ثم قرأت الحوار مكتوبا في صحيفة السوداني، فلم أجد عنوانا أبلغ من مثل عامي سوداني يقول (زمنو فات وغنايو مات)، ورابع ثلاثة يتحسر على الحال والتغيير الذي اعترى الناس، فالثلاثة الكهول الآخرون ونعني بهم الترابي والميرغني والمهدي، لم يصلوا بعد إلى ما وصل إليه منصور خالد، فانكفأ على أوراقه يكتب ويدون، ويقرأ كما قال لما لم يجد له دورا.

يشبه لي الرجل أبو الطيب المتنبئ في كثير من سيرة حياته ومسيرتها، فتراه يصاحب الزعماء ويدبج المقالات قاطعا الفيافي، كما فعل الشاعر الطموح عساه يبلغ حاجة في نفسه، فإن كان المتنبئ قد صرح بأنه يريد الإمارة فإن منصورا لم يصرح بذلك عيانا، ولكن كل وثباته وسباته كانت تقول ذلك، كما قالت وقع سنابك الحصان في القصة الشهيرة (خطفها خطفها).

قالت إيلين للطيب صالح في قصته الجميلة والشهيرة ما معناه قد تجد أهلك تغيروا، ولكن أتمنى أن لا تكون قد تغيرت أنت… ونعترف أن السودان قد تغير ونسيجه الاجتماعي يتحول الآن، وأن كثيرا من المفاهيم تعدلت، ومن الثوابت تضعضعت، ولكن الواقع الحياتي لا يتماشى وفق أغنية هاشم ميرغني:

غيب وتعال تلقانا نحن يانا نحن

لا غيرتنا الظروف ولا هدتنا محنة

فانقطاع لحمة الوطن كان لمنصور يد فيها، إن لم يمرر السكين فقد (مسك) طرفا وشده، كما يفعل الناس في تقطيع لحم العيد والصورة لا تزال حية.

وتوقع الرجل بعد كل ذلك أن يعود الجنوب إلى الشمال، مشددا على أن اللغة العربية هي خطاب جوبا الشعبي والرسمي، ولقد كانت قبل الانفصال كذلك، فما أغنت شيئا.. ليت الدكتور منصور يقرأ كتابه (حوار مع النخبة) ويسقطه على الآن، فإن مزقه فلي نسخة أهديها له..


تعليق واحد

  1. أشاهد الآن هذه الحلقة التي أديرت معه على فضائية الشروق , وقد بدا منصور خالد في شكله منهكا بفعل السنين فهو من مواليد أوائل ثلاثينات القرن الفائت وقد بــــدا وكأنه عجوز قادم من شمال نيجيريا ( وليس في هذا منابزة ) لا سيما في شكله ولون لبسته , وقد لاحظت في رده على المحاور عن الصادق المهدي بأنه قاس جدا في تقييمه له أو في الحديث عنه فقال : هو ليس صادقا ولا مهديا وأضاف بأن الصادق لا يرى لنفسه نظيرا , وأنه متناقض وليست لديه فكرة ثابتة , كما ذكر بأن أكثر ما يغيظه هو معايرة الناس في السودان ( لبعضهم ) بجينته , ( بأصله ) مما يدل على أن ( رأس السوط قد لحقه ) كما ذكر هذه النقطة مرة أخرى عن أحمد خير المحامي (وهو وزير خارجية حكومة عبود ) وقال إنه عندما كان سكرتيرا للمؤتمر ؟!! (وأظن أنه يقصد مؤتمر الخريجين ) قال للأعضاء إذا لم تتركوا الكلام عن مثل هذه الأمور فإن البلاد لن تتقدم !! وهذا يدل أيضا على أن منصورا ربما يعاني من عقدة لا سيما في رده السريع على المحاور حينما استعرضا معا الصور المعلقة على الحائط وقد لاحظ ضياء الدين أن معظم اللوحات هي لأفارقة فرد عليه بأنه ليس كذلك بل بعضها لأناس من كوبــــا , وأخيرا عندما نظر إليه ضياء الدين بلال وسأله قائلا : هل أنت متشائم ؟ رد عليه بالنفي لأن المتشائم لا يكتب كما قال ! ولكن السؤال كان يجب أن يكون بصيغة هل أنت حزين ؟ لأن الحزن باد عليه , ورغم نفيه التشاؤم فهو متشائم وذلك من خلال كتاباته ومن عناوين كتبه التي منها ( النخبة السودانية وإدمان الفشل ) وفي المقابلة لاحظت أن منصورا لم تنفرج أسارير وجهه إلا عند انتهاء المقابلة فكأنه كان في امتحان عسير وربما توقع أسئلة لا يريدها والمقابل لم يطرحها عليه من مثل لماذا عشت عمرك عازبا ؟ ولما انتهت المقابلة ولم يرد هذا السؤال ضحك مجلجلا لأن السؤال لم يطرح , كما أن ضياء سأله هل تشعر بالعزلة ؟ رد عليه بأن من يعيش منعزلا ليس بالضرورة أن يكون في عزلة !! وأضيف أنا قول الشاعر : إذا مضى الجيل الذي كنت فيهم *** وعشت في جيل فأنت غريب , ,,,,فهو في الواقع يشعر بالغربة لأنه لا يتواصل مع مجايليه كما قال, وهذه هي طبيعة الحياة ومن يبق منا لا بد أن يمر بهذا , والله المستعان