محمود الدنعو

أسئلة التدخل الروسي


نجحت المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس السوري بشار الأسد الدكتورة بثينة شعبان من الإفلات من فخ الأسئلة المدببة الذي حاصرتها به مذيعة قناة البي بي سي، بل إنها بدلاً من الرد على أسئلة التدخل العسكري الروسي في سوريا، طفقت تصحح المذيعة لغوياً واصطلاحياً على الهواء، بحكم تخصصها في اللغة، فأشارت إلى أن صيغة السؤال عن انتشار القوات الروسية غير صحيح، لأن انتشار في الاصطلاح العسكري لا تستخدم مع سلاح الجو.
ولكن صحيفة الاندبينت البريطانية طرحت عدة تساؤلات مع بدء الحملة الروسية الجوية على سوريا ومنها السؤال الرئيس، لماذا تحركت روسيا الآن؟ وفي الرد على هذا السؤال نجد أن داعش تحتل الآن بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان نحو 10% من أراضي سوريا، وتتقدم نحو الطريق الاستراتيجي الذي يربط العاصمة دمشق بالشمال السوري، وقوات داعش توجد على بعد 22 ميلاً من الطريق السريع، وفي المقابل أصبحت قوات الأسد بعد أربع سنوات من الحرب والخسائر الثقيلة في حالة تراجع، وبالتالي هدف روسيا الرئيس هو الحيلولة دون إضعاف نظام الأسد أو الانهيار التام، كما أن التحرك الروسي الآن يأتي بعد أن فشل الرئيس بوتن في الاتفاق مع الولايات المتحدة التي تضرب داعش في مناطق الجهاديين الذين يحاربون الجيش السوري خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث كان تهديد داعش حاضراً على أجندة الجمعية.
أما السؤال الثاني: فما هي الخطة الروسية بالضبط، هل هي لهزيمة داعش أم لإنقاذ الأسد؟ ويمكن القول إن الأولوية لهزيمة داعش ومن ثم إنقاذ نظام الأسد في دمشق، فعلى الرغم من الجدل حول رحيل الأسد، فإن الحرب الأهلية مستمرة وبداعمين متلزمين مع كل طرف من أطرافها، وعلى المدى القريب تسعى روسيا إلى وقف داعش وهزيمته إذا أمكن.
ويبقى السؤال المهم مع بدء الحملة الجوية الروسية، هل هناك حرب بالوكالة بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا ؟ في الواقع إن الإجابة هي النفي، فكلاهما ضد داعش والجماعات المستنسخة من القاعدة، ولكنهما منقسمان حول كيفية تقاسم السلطة في مرحلة ما بعد داعش السورية، وبالتالي هما خصمان في هذا الصدد.
ويبقى سؤال أخير، كيف ستكون ردة فعل الرئيس الأمريكي باراك أوباما على هذا التحرك الروسي؟ الأمور تبدو صعبة بالنسبة له، فهو لا يملك نفوذاً منذ أن حدث فراغ كامل في سياسته تجاه سوريا، نظريا كان يأمل في احتواء أو هزيمة ما يسمى بالدولة الأسلامية (داعش)، لكنه عملياً فشل في القيام بأي من ذلك، وأصبح الروس من يشغل الفراغ الآن، ولكن بنتائج مجهولة على المدى الطويل.