عبد الباقي الظافر

ولكن سارة كانت تبتسم ..!!


داخل المشرحة الباردة بمكة المكرمة كانت رائحة الموت في كل مكان..كان حسام يخشى ان تكون هذه المحطة هي نهاية الأمل ..نحو ثلاث ايام وهو يبحث عن زوجته سارة..تجنب اكثر من مرة ان يأتي الى هذا المكان..ذهب الى بعثة الحج الاثيوبية ربما لجأت سارة اليهم بعد حادثة التدافع في يوم العيد..هاتف اسرتها في ريف أديس أبابا ..في الصف الثالث كان حسام يصرخ في هيستريا ..كل شيء في زوجته دهسته الأقدام الا وجهها الصبوح..حتى في موتها مازالت تحتفظ بتلك الابتسامة التي زادها الخمار الابيض جمالا ووقارا.
أخرجوه حراس الموت بغير رفق من الغرفة الباردة..دموعه كانت منهمرة بغير توقف وذاكرته تعمل بسرعة عالية..كان حسام لاهيا لم يفكر أبدا في زيارة البقاع المقدسة ..احيانا يصل جدة ويتجول في اسواقها ثم يعود الى أهله بالسودان دون ان يؤدي شعائر العمرة..المال مثل السلطة يعمي البصيرة..ظن حسام ان ماله يحقق له المستحيل ..التحدي ان يجمع مزيدا من الثروة ..حتى الزواج لم يفكر فيه..اعتبره قيدا ..كانت حساباته ان لكل امراءة ثمنا مناسبا ومدخلا محددا.
قبل خمسة اشعر زار دبي لقضاء بعض الحوائج التجارية ..أراد ان يختم زيارته بليلة حمراء قبل ان يعود الى زحام العمل والتنافس التجاري بالخرطوم ..وسيطة تمتهن بيع الاجساد ترسل له في (الواتساب) مجموعة من الصور..كان بقلبهن بسرعة مثل أوراق (الكوتشينة) ..قبل ان يكمل (الفرجة ) شدته صورة شابة بملامح القرن الأفريقي ..كانت البيانات المرفقة تحدد هويتها بانها اثيوبية تبلغ من العمر أربعة وعشرين ربيعا..تتحدث العربية بصعوبة..خجولة وليس لها خبرات وافرة في سوق المتعة.
بعيد نحو ساعة دق جرس الشقة الصغيرة في المدينة الضاجة..سائق (الليموزين ) الباكستاني يطلب الحساب قبل تسليم البضاعة..خمسمائة درهم تشمل خدمات التوصيل والوساطة..حينما أمسك بيد سارة كانت ترتجف ..حسبها انها خائفة فحاول ان يبث فيها الأمان باعتبار ان الشقة الراقية بعيدة عن الشبهات..جلست سارة في طرف الفراش الوثير كأنها ضيفة..احضر حسام أكواب من الحلال والحرام وصنوفا من الطعام الشهي..رفضت الزائرة ان تتناول شيئا..حسبها متعجلة فذكرها ان الاتفاق على ليلة كاملة ..حينها دخلت في نوبة بكاء.
الدموع تحرك الانسان المختبئ في جوانح حسام..رغبته العارمة تتحول الى قوى اخرى تبحث عن الخير..بدأت سارة تسرد القصة المؤلمة..جئت الى هنا لمساعدة اسرتي عبر العمل الحلال..اوهمني السمسار انني سأعمل في فندق محترم لأنني جميلة..لم اكمل الشهر ..تحطمت أحلامي حينما اكتشفت انني قطعت كل تلك المسافات لابيع جسدي ..كلما يقترب مني رجل اتذكر ابيً امام المسجد ..احاول ان أقاوم فأتذكر امي المريضة بالازمة ..العودة الى أديس تحتاج الى مصاريف..كلما امضي الى زبون اعود خائبة ..السيدة تضربني والسمسار يهددني بالسجن..أعدهم ساحسن عملي في المرات القادمة ..هذه الليلة قالوا انها فرصتي الاخيرة .
حسام الضال يتصل على السيدة التي يعرفها وتعرفه..توقعت شكوى فوعدته بفتاة بديلة..طلب رقم السمسار ..تحرير سارة كان يقتضي دفع مبلغ ثلاثة الف دولار..طلب جواز سفرها ودفع المبلغ ..خيرها ان تعود للخرطوم وتعمل في مهنة شريفة او تمضي عبر البر الى أديس ..اختارت رفقته لتدفع نفقات حريتها من عمل يدها..ساعدها في فتح مقهي أديس بشارع الستين..كان يزورها كل مساء ليطمئن على العمل و ( يبل) الشوق.
لم يعد قادرا علة المقاومة طلبها على سنة الله ورسوله..وافقت على ان يتم عقد القران في قريتها بريف أديس أبابا..اشترطت الا يدخل عليها الا بعد اداء شعيرة الحج..قالت له اريد ان اغسل ذنوبي..حجز شقة في جوهرة مكة للشقق الفندقية ..قبل ذاك الميعاد فرقتهم جموع الحجاج في منى..ظن اللقاء سيتحقق بعد ساعات..حدث اللقاء في مكان غريب في تلك الغرفة الباردة .. ولكن كانت سارة تبتسم له .