مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : غندور وسيسي تصريحات الخارج وواقع الداخل


> صباح الأمس تنشر «الإنتباهة» صريحاً لوزير الخارجية إبراهيم غندور متعلق بجنوب السودان يقول بأن: «الاتصالات بين الخرطوم وجوبا مستمرة للوصول لحل أزمة الجنوب وان السودان سيكون داعماً لاتفاق سلام دولة جنوب السودان».
> وفي ذات الصباح نشرت تصريحاً لرئيس السلطة الإقليمية لدارفور الدكتور التجاني سيسي يقول بأن: «دولة جنوب السودان تحتضن الجماعات التي تهدد استقرار دارفور».
> وما بين الغناء الدبلوماسي على مسرح السعي لرفع العقوبات الاقتصادية الامريكية على السودان وبين الوضوح الحكومي على مسرح الإعلام الخارجي يقف السودان على أرض مدفونة فيها بذور معالجات مشكلته منتظراً أمطار الدبلوماسية تهطل لإخراج نبات حسم التمرد ورفع العقوبات.
> لكن تظل الغرابة أمام أعين الكثير من المراقبين في تصريحات الحكومة السودانية الصادرة من مختلف المؤسسات الرسمية. فالخارجية تظهر تحمسها في واشنطن عبر الوزير غندور لحل مشكلة الجنوب وسلطة دارفور تخبر الإعلام الخارجي وتؤكد له بان دولة الجنوب تهدد استقرار دارفور.
> ترى هل كان تصريح إبراهيم غندور يحتاج إلى «تمامة» هي أن المطلوب من حكومة جوبا ان تهئ مناخ العلاقات مع السودان في هذه المرحلة على الاقل بان تحسم مسألة استضافة «الجماعات التي تهدد استقرار دارفور» التي احتضنتهم قبل أن يجعل الله كيدها في نحرها؟!
> وهل كان تصريح دكتور سيسي يحتاج ايضاً الى «تمامة» هي ان سعي الخرطوم مع جوبا لحل مشكلة دولة جنوب السودان ينبغي ان لا يسير معه في خط مواز استمرار احتضانها للجماعات التي «تهدد استقرار دارفور».. حتى لا ترتسم في الاذهان صورة غريبة للعلاقات الدبلوماسية؟!
> ورغم تصريح دكتور سيسي «البطولي» فإن غندور يقول بان «السودان سيكون داعماً لاتفاق سلام دولة جنوب السودان».. ويقول سيسي في هذا الاتجاه رغم تصريحه القوي بان استقرار جنوب السودان هو استقرار السودان.
> غندور قال «المعقول» في الوقت المناسب والمكان المناسب.. نعم.. لكن دكتور سيسي حينما قال «استقرار جنوب السودان هو استقرار السودان».. فإن هذا يلزم أن يكون مع استقرار جنوب السودان إفراغه من الجماعات الذي يحتضنها لتهديد استقرار دارفور لأن دارفور جزء من السودان.
> لو كان السودان دولة أوربية مثل فرنسا وألمانيا أو أن واحدة من دول اوروبا تعيش مأساته هذي لما كانت تصريحات كبار مسؤوليها مثل ما نقرأها ونسمعها اليوم بشأن الأزمة السودانية أو أزمة الجوار السوداني من المسؤولين السودانيين الرفيعين الآن.
> فهل نتخيل مثلاً إذا كانت فرنسا تعاني في أمنها واستقرارها من متمردين فرنسيين تحتضنهم بريطانيا يمكن أن تتحدث عن سعيها لحل ازمة لندن مع الجيش الاسكتلندي مثلاً؟!
> وهل يمكن أن يقول مسؤول فرنسي في مثل هذه الحالة ان استقرار بريطانيا هو استقرار لفرنسا دون أن يقول في حالة افراغ بريطانيا من المتمردين الفرنسيين والتراجع عن احتضانهم؟
> يبدو أن أمر السودان مفضوح من خلال إطلاق التصريحات المبتسرة لمسؤوليه من نيويورك والدوحة.. فغندور أطلق تصريحاته في نيويورك اثناء زيارته اليها هذه الايام وسيسي تحدّث لصحيفة «الشرق» القطرية التي تصدر في العاصمة القطرية الدوحة.
> والتخطيط السياسي وحده لا يكفي لحل مشكلة البلاد سواء الداخلية او التي تأتي من الخارج.. فلابد من «التخطيط الإعلامي» ليكون ثماره هو تصريحات بيانية تبيينية تستقط تأييد المراقبين في كل مكان لصالح المواقف السودانية الرسمية.
> فها هو الإعلام الفلسطيني القوي ثمرته هي ان جعل متظاهرين يهود بنيويورك يرفعون علم فلسطين ويطالبون باسقاط دولة اسرائيل. كل هذا لأن الحكومة الفلسطينية لا تقول بأن استقرار اسرائيل هو استقرار فلسطين وكل البلاوي تأتي من الكيان اليهودي.
> فالآن كل البلاوي تأتي من جنوب السودان باحتضانها من يهدد أمن دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق فكيف نحسب ان استقرارها هو استقرار السودان؟! وكيف نسعى لحل ازمتها لكي تتهيأ جوبا بصورة أفضل لاحتضان الجماعات التي تهدد استقرار دارفور؟.
> لو كانت مشكلة جنوب السودان تؤثر على السودان بتدفق اللاجئين الأبرياء المغلوب على أمرهم الذين يمكن ان تحتضنهم معسكرات أممية فإن هذه المشكلة اهون من انطلاق المتمردين من هناك إلى نسف الاستقرار هنا.
«غداً نلتقي بإذن الله»