الطيب مصطفى

وزير العدل والحرب على الفساد


كم أنا سعيد أن أرى هذا الحراك الكبير لوزير العدل د.عوض الحسن النور لكبح جماح الفساد المستشري، بل ولمراجعة الملفات القديمة التي ملأت الدنيا وشغلت الناس وأزكمت رائحتُها الأنوف، وهل انشغل الناس طوال الأشهر وربما السنوات الأخيرة بأكثر مما انشغلوا بخط هيثرو الذي تسلل من بين أيدي السودان في غفلةٍ من الزمان، وغياب كامل للوعي وكأننا كنا مخدرين، وبملف الأراضي الذي تمت (غطغطته) بشكل مريب استخدمت فيه بعض أساليب المافيا في التستر على الجريمة أو الجرائم التي يحتاج سبر غورها وفضح خباياها إلى معجزة؟.
لكن قبل أن نتمعن فيما تم من مراجعات، ونتحقق من مدى كفايتها لمعالجة الجرائم التي تم ارتكابها، ينبغي ألا نتجاهل – من باب إحقاق الحق وإثبات الفضل لأهله – حقيقة أن تلك الملفات ما كان لها أن تُفتح لولا أن وزير العدل حصل على مباركة أو إذن من رئيس الجمهورية، يجيز له التدخل فيما كان حتى وقت قريب من مناطق الحظر والخطوط الحمراء التي يمنع الاقتراب منها أو التصوير.
ذلك ما يدعو إلى التفاؤل، ويبشر بأننا بإزاء مرحلة جديدة نأمل أن تسود فيها الشفافية ومطلوبات الحكم الراشد.
لقد اطلعت على قرارات وزير العدل الأخيرة، ومما استرعى انتباهي حديثه عن التحلل الذي قال إنه – وفقاً للقانون – يحول بين المتحلل والخضوع للمساءلة وهو أمر عجيب بحق ذلك إنني أعلم أن المتحللين يباشرون عملهم في الأراضي حتى الآن، وقد أفهم أن يعفى المتحلل من الخضوع للمساءلة، لكنني لا أفهم أن يظل في موقعه الذي ربما يرتكب من خلاله مجدداً ما ارتكب في وقت سابق من جرم.
لماذا أقول ذلك؟
أقوله؛ لأن المتحلل لم يعد (بضم الياء) للدولة (بعض)، وأكرر (بعض) ما حصل عليه من مسروقات إلا تحت التهديد بما سيصيبه من عقوبة إن هو فوت الفرصة وطوق النجاة الممدود له، وما كان ينبغي أصلاً أن تتاح له تلك الفرصة (الظالمة) وما كان سيقدم على التحلل لو لم تتح له تلك الفرصة وبالتالي فإنه ربما يعود لممارسة تلك الجريمة بعد أن ازيح عن رقبته سيف العقوبة.
إنني لأطلب من د.عوض أن يعيد مراجعة ملفات المحللين ليتحقق من أنهم ردوا كل ما حصلوا عليه بالباطل، وإذا كان القانون المعيب قد غل يده عن إخضاع المتحللين للمساءلة، فإن ذلك القانون المعيب ينبغي أن يُعدل حتى يعلم الموظف مهما بلغت درجته أنه ما من سبيل للإفلات من العقاب إن هو تجرأ على المال العام كما هو حاصل اليوم من خلال هذه الثغرة التي تقنن السرقة من خلال التحايل المسمى بالتحلل.
معلوم أن الدولة ما عمدت إلى أن يتولى إدارة الأراضي مستشارون من وزارة العدل إلا بافتراض أنهم الأجدر من حيث المعرفة بالقانون، والأكثر التزاماً به، والأبعد عن الخروج عليه، ولكن التجربة العملية أثبتت أن تلك (النظرية) كانت مجرد وهم لم يقم على ساقين، إذ ليس بالضرورة أن يكون رجل القانون هو الأكثر التزاماً به، فقد رأينا نماذج من الممارسات أقنعتنا أن بعض رجال القانون لا يقلون انتهاكاً له من الآخرين، بل ربما يستغل ضعاف النفوس بعض الثغرات التي لا يعلمها غيرهم لارتكاب جرائم يندى لها الجبين، وليس أدل على ذلك من قصة المستشار الذي حاول رشوة رئيس الجمهورية، وظل بعد ذلك يتقلب في المواقع الرفيعة في حماية رفاق المهنة، يفسد في الأرض حتى اليوم.


‫3 تعليقات

  1. اذا هم جادين بكشف الفساد فليقدمو كل من اثري في ظل هذا النظا م من المنضوين تحت عباءة حزب الحكومه لتحري كما يفعل المدعي العام في مصر او من حوله شبهة فساد وان كان غير منضوي لحزب الحكومه فالحديث عن انو تاني ما فساد فالمستقبل هذا لعب بعقول الناس استئصال فساد المستقبل يكون بمحاسبة من سرق

  2. ليتك توضح للشعب السوداني البسيط و لأنك من الاسلاميين الذين اتوا بمصطلح التحلل معنى تلك العبارة (( وقد أفهم أن يعفى المتحلل من الخضوع للمساءلة )) .
    كيف تبرر لمن سرق من المال العام ان يعفى من المسألة لمجرد انه رد جزء من المال , هل الجريمة هى سرقة المال أم أن الجريمة هي خيانة الأمانة و التزوير و استغلال السلطة و تجاوز اللوائح و القوانين ؟ .
    من أين أتيتم ؟ هل ربتكم امهات سودانيات و حبوبات مشلخات زينا ولا انتوا جيتوا من وين ؟؟ .