عثمان ميرغني

في حد بيعرف أحسن من الحكومة ؟!


كم عدد المساكن والمباني الحكومية والتجارية في العاصمة بمدنها الثلاث؟، هل تعلم أن الغالبية الساحقة من هذه المنازل تمتلك آبار صرف صحي متصلة مباشرة بمصادر المياه في باطن الأرض..
إذا افترضنا أن عدد هذه المباني مليون فقط.. (وهو رقم متواضع).. فمعنى ذلك أن في الخرطوم- وحدها- مليون أنبوب ينقل مياه الصرف الصحي إلى مصادر المياه التي نستخدمها للشرب..
وهذه الآبار تعمل ليل نهار، تنقل مخلفات الصرف الصحي لنحو (8) ملايين نسمة هم سكان الخرطوم فتختلط بمصادر المياه في باطن الأرض.. وكل يوم يمضي.. وكل عام يمر يعني ملايين الأمتار المكعبة من التلوث لمصادر المياه.
هذا إذا افترضنا أن الأمر توقف عند هذا الحد من السوء.. لكن وبما أنه لا يلوح في الأفق أي مشروع لشبكات صرف صحي حديثة كما هو في كل مدن العالم حتى أفقر الدول والمدن.. فذلك يعني أننا نتجه إلى مستقبل يشهد مزيداً من آبار الصرف الصحي.. ومع زيادة السكان مزيداً من ضخ التلوث إلى مصادر المياه.. حتى يأتي يوم تصبح أعماق العاصمة مستنقعاً وبحيرة ضخمة تفيض بالتلوث الخطير.
من المسؤول عن هذا الوضع الكارثي المتفاقم؟..
ومع ازدياد الأبراج ذات الطوابق المتعددة يزداد السؤال تعقيداً.. هل تستمر هذه المستعمرات المأهولة بالسكان تستخدم الأسلوب العقيم- نفسه- فتحفر الآبار لتدفع بمخلفاتها من مياه الصرف الصحي إلى باطن الأرض المتفجر- أصلاً- بأكثر من مليون بئر؟.
والأدهى وأمرّ.. كل يوم تظهر في الأفق مخططات سكنية جديدة.. ليس فيها جديد إلا الأسماء الجميلة التي تزدان بها.. لكنها- كلها- تعتمد الوسيلة التقليدية- نفسها- في التخلص من مياه الصرف الصحي عن طريق حقنها في باطن الأرض.. بل الطريف أنه حتى أعمدة تمديد الكهرباء تظل بشكلها التقليدي- نفسه- الذي لا نراه إلا في السودان.. ولم يفكر صاحب مخطط واحد أن يدفن أسلاك الكهرباء تحت الأرض..
استمرار مثل هذا الوضع هو انتحار جماعي.. لأننا نفسد بلادنا بأيدينا.. فنحن لسنا بلداً صناعياً مثل أوروبا نعاني من مخلفات الصناعة الثقيلة.. وأرضنا لا تزال بكراً لم تمسسها أمراض العصر الكالحة.. ومع هذا لا أحد يفكر في الحفاظ عليها بعيداً عن مخاطر التلوث المفضي إلى الكوارث البيئية المدمرة.
ما ندفعه من مال لعلاج الأمراض التي تنجم من هذا التلوث الخطير أكبر بكثير مما يحتاجه مشروع عملاق لتمديد شبكات الصرف الصحي في كل المدن والقرى وليست العاصمة- وحدها- لكن- بكل أسف- يبدو أننا نتسكع بعيداً عن مثل هذا الحل السهل.. أتعلمون لماذا؟.
لأن قرار التخطيط تتحكم فيه أولويات الساسة!..
الخبراء والمختصون هم خارج دائرة القرار.. بل حتى خارج دائرة الاستشارة..
وعلى قول الفنان عادل إمام (في حد بيعرف أحسن من الحكومة؟).


تعليق واحد

  1. واحده من الرسوم المكمله لكي تحصل علي تصديق مبني هو رسم الصرف الصحي ولكن هو ليس رسم للصرف الصحي بقدر ما ه رسم لشراء عربات السؤلييين والنوب الصرف البذخي علي المهرجانات التي يرقصون فيها يعرضون فرحا بما نهبو