الصادق الرزيقي

غيبوبة اليسار!!


[JUSTIFY]
غيبوبة اليسار!!

ردة فعل قوى اليسار السوداني بمختلف شراذمه وتشكيلاته وأذنابه، تجاه خطاب رئيس الجمهورية وتوجه البلاد نحو الوفاق ولم الشمل السياسي، تعبر في حقيقتها عن حالة توهان وغيبوبة وانسلاخ من حالة الوئام الوطني التي تعتري الساحة السياسية وتحدد اتجاهاتها.
والغريب في تصريحات قيادات تحالف المعارضة وخاصة قوى اليسار، هو محاولاتهم الساذجة تصوير ما جرى ويجري اليوم من حوار بين الحكومة والأحزاب الكبيرة وكأنه إملاءات خارجية، وبدأت زعانف اليساريين تلغو بأن ما تم هو محاولات من أمريكا وصويحاباتها الأوروبيات لتجميع القوى الإسلامية «المؤتمر الوطني وحزب الأمة القومي والمؤتمر الشعبي والحزب الاتحادي وبقية الأحزاب المشاركة في الحكومة» في تجمع واحد بغرض دعم استمرار المؤتمر الوطني في الحكم وإلحاق هذه الأحزاب ذات المرجعيات الإسلامية لإكمال السيناريو الغربي في المنطقة!!
هذا الحديث والترهات التي لا تقوم على ساقين، تكشف إفلاس اليساريين وقلة حيلتهم وهوانهم على العالمين، فالذي ينفذ الأجندة الغربية وصار مطية للمخابرات الأجنبية وتعامل معها هو تحالف المعارضة السودانية وخاصة اليسار، ولم تنقطع صلة اليساريين وخاصة الحزب الشيوعي والتكوينات الصغيرة المنسلخة منه وبعض أدعياء الاشتراكيين والعروبيين والقوميين، لم تنقطع صلتهم بالدوائر الغربية المشبوهة من زمن بعيد، فالحزب الشيوعي السوداني وهو صنعية يهودية في نشأته، تكشف وثائق وتقارير على مدى نصف قرن من الزمان ويزيد، عن اختراقه بواسطة المخابرات البريطانية والأمريكية، وظلت أطياف من قياداته تخدم المصالح الغربية وتتعامل معها إلى درجة ظهور مصطلح سياسي شديد الدقة والتوصيف يتناول ظاهرة اليسار الأمريكي، واختارت أغلب كوادر الحزب الشيوعي ونشطائه الهجرة إلى النعيم الأمريكي والأوروبي، وتمارس معارضتها الافتراضية من هناك.
وأذكر في العام الماضي أننا كنا في موسكو، وسألنا عن بعض كوادر الحزب الشيوعي السوداني الذين كانوا في زمن الاتحاد السوفيتي يقيمون هناك إما طلاباً في الجامعات ومن أجل الدراسات العليا أو في الدورات التدريبية ومدارس الكادر الأممية التي يدعو لها الحزب الشيوعي السوفيتي، وكانت الإجابة الصاعقة من الشيوعيين الروس وقليل من السودانيين، أنه بعد سقوط الاتحاد السوفيتي هاجر كل الشيوعيين السودانيين إلى الغرب والتصقوا بمراكز الدراسات الغربية والدوائر الاستخبارية التي قدموا لها كل خبراتهم ومعلومات عن الأحزاب الشيوعية في دول العالم الثالث، وصاروا يتمرغون في بحبوبة العيش من أكف اليانكي رغم أنف الاشتراكية وغلواء الأيديولوجية النافقة.
وعند حدوث انشقاقات واختلافات داخل الحزب الشيوعي السوداني وخروج بعض قياداته، صاروا حلفاءً «للرجعية» العربية، فالكل يعلم علاقة بعض غلاة الشيوعيين ورموزهم بالمخابرات العربية وخاصة في دولة خليجية كبيرة كتبوا لها التقارير والتحليلات عن بلدهم السودان طوال عقد التسعينيات، وساعدتهم مخابرات تلك الدولة في تمتين صلتهم بالمخابرات المركزية الأمريكية وقد كان، واستحلبت منهم أجهزة المخابرات العربية والغربية كل معلوماتهم عن الحركة الإسلامية في السودان وغيره، وكتبوا التقارير الكاذبة المضللة.
أما البقية الباقية منهم التي بقيت داخل السودان فقد ضمها أيضاً الإبط الأمريكي، بصيغ أخرى منها دعمهم في منظمات مجتمع مدني أنشأوها خصيصاً لتلقي دعم الخارجية الأمريكية، وصارت الدولارات تهبط إليهم من سماء العم سام والتمويل الأمريكي يغرقهم في بحاره التي فتحت أبوابها لهم.
ولعل أبشع ما تقوم به قوى اليسار السوداني هو تحالفها مع شيوعيي الحركة الشعبية وما تسمى الجبهة الثورية من أجل إسقاط النظام في الخرطوم، وإلحاق السودان بمشروعهم السياسي الذي يتلاقى مع الحركة الشعبية والدوائر الصهيونية في أمريكا التي أنتجت وروجت وصنعت ما يسمى مشروع السودان الجديد الذي أُرضع لحركة قرنق وأعدت خصيصاً لتنفيذه.
ولا تجدنَّ قوى خارجية أو داخلية تسعى لإضعاف السودان وتهديد وحدته وهويته واستقراره، إلا وكانت أحزاب اليسار السوداني هي أول من يضع أكفه على أياديها ويتعاون ويتعامل معها. ولعل أكبر ورطة تورَّط فيها اليسار السوداني هي منافقته في موضوع الديمقراطية والحرية، فقد أيدوا الانقلاب في مصر وساعدوا في وقوع اليسار المصري نفسه في مصيدة الجيش والانقلابيين المُؤيدين من الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة المصلحة العليا في إسقاط الرئيس محمد مرسي.. دعك عن حالة نفاق واشنطون الراهنة.
«غداً نواصل».
[/JUSTIFY]

أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة