مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : «82» ولاية عرقية هل تكفي للحل؟


> رياك مشار لماذا يعترض على تقسيم جنوب السودان إلى ثماني وعشرين ولاية توصف في الإعلام بأنها عرقية؟!.. فهل يريد أن يقول بأن التقسيم هذا سيؤثر على مساعي السلام أو تحقيقه، أم إنه يعتبرها إهداراً لأموال الشعب الجنوبي.. شعب القبائل الجنوبية؟!.
> ومشار لم يرد مباشرة على فكرة سلفا كير أو حكومة جوبا التي صدر على أساسها قرار التقسيم. فقط اكتفى بالقول بأن هذا التقسيم انتهاك لمعاهدة السلام الموقعة بين الطرفين.. مع أن الدولة فيها أكثر من طرفين.. فيها عدة أطراف طبعاً.
> ثم هل معاهدة السلام هذي يمكن أن تضمن تحقيق السلام فعلياً في الولايات العشر التي قسم إليها جنوب السودان قبل انفصاله ضمن تقسيم كل السودان.. أم أن زيادة التقسيم هذا من شأنها أن تعمق من أزمة عدم السلام؟!.. أم أن «مشار» لم يرُق له عدم مشاورته في الأمر بعد توقيعه على المعاهدة مع رئيس الدولة؟!.
> ويتحدث الخبر عن أن التقسيم هذا يقوم على طابع عرقي.. وهذا طبيعي طبعاً في معظم دول القارة الإفريقية أو كل دول الشعوب السمراء والسوداء في القارة الإفريقية فهذا يأتي وقاية وتفادياً لتعميق الصراعات العرقية حول مختلف الأشياء.
> ويقول الخبر إن القبائل الثلاث الكبرى الدينكا والنوير والشلك كانت مجتمعة في ولايات أعالي النيل وجونقلي والوحدة.. لكن لم ترد فيه إشارة إلى أن أعالي النيل كانت ولاية واحدة وقبل ذلك إقليم واحد وقبله مديرية ضمن الإقليم الواحد«الإقليم الجنوبي» إلى جانب مديريتي بحر الغزال والاستوائية.
> فالفرز والتقسيم قد بدأ بجنوب السودان قبل انفصاله بأكثر من ثلاثين عاماً.. فقد كان مثله مثل أقاليم السودان من حيث الإدارة والحكم المحلي، ولكن اتفاقية فبراير مارس 1972م وهي اتفاقية الكرامة والسلامة بالنسبة للجنوبيين قد نصت على أن تكون له حكومة شبه مستقلة متميزة عن حكومات الأقاليم الأخرى.
> فقد كان له مجلساً تنفيذياً.. ولعل هذا كرّس للفرق الإداري والشعبي بين الإقليم الجنوبي وبقية الأقاليم ولم يعالج قضية «شمال جنوب»، رغم نشيد «ما في شمال بدون جنوب وما في جنوب بدون شمال»، لكن بعد أن استقل كل الجنوبيين إدارياً عن الحكم المحلي الذي كان تُدار به بقية الأقاليم برزت نفس المشكلة في إطاره وطالب الاستوائيون بالاستقلال الإداري عن بقية المديريات داخل الإقليم الجنوبي.
> هذه المطالبة كانت تصب في اتجاه معاكس لاتفاقية أديس أبابا مارس 1972 لكن حكومة نميري عالجتها بصورة ديمقراطية باعتبار أن التمسك بكل نصوص الاتفاقية لا قيمة له اذا كان سيولد نسفاً للسلام والاستقرار.. ثم كان الاستفتاء حول تقسيم الجنوب للاستوائيين الذين يقود مطلبهم للتقسيم المهندس جيمس طمبرة والنيليين الذين يقود اعتراضهم على التقسيم كلمنت أمبورو.
> أجري الاستفتاء بالفعل وكسبه الاستوائيون وقسّم الجنوب الى ثلاثة أقاليم هي الاستوائية وأعالي النيل وبحر الغزال.. وكان يكفي تقسيمه الى إقليمين أحدهما الاستوائي ما دام أن غير الاستوائيين قد اعترضوا على التقسيم.. فلا داعي ليكونوا في إقليمين.
> قاد كاربينو وجون قرنق استئناف التمرد وضرب اتفاقية أديس أبابا في مقتل، ولأول مرة كان يقود النيليون التمرد الذي أصلاً بدأه في الخمسينيات والستينيات وبداية السبعينيات الاستوائيون الذين قاد تمردهم حتى عام 1972 جوزيف لاقو.. ويبدو أن النيليين وخاصة الدينكا والنوير ممثلين بقرنق وسلفا كير ومشار لم يكن يريدون كل شيء استوائي لا التمرد الذي قاده لاقو ولا اتفاقية أديس أبابا ولا تقسيم الجنوب الى ثلاثة أقاليم كانتصار استفتائي انتخابي حققه الاستوائيون بقيادة جيمس طمبرة.
> لكن في إفريقيا وفي أغلب دولها ثبت تماماً أن مما يحقق الأمن والاستقرار والسلام هو التقسيم والانفصال على أسس قبلية وعرقية لأن القيم العنصرية والكراهية العرقية والصراعات القبلية كل هذه ما زالت هي سيدات الموقف في المجتمعات الغربية.
> حتى في الأحزاب.. فإن حزب الحركة الشعبية في نظر القيادي الجنوبي المعروف ابن قبيلة الدينكا «أتيم قرنق» لا يمكن أن يستمر بقيادة وقواعد من مختلف قبائل البلاد.. فقد اقترح أن يقسّم الى مجموعات تكوِّن أحزاباً عددها ثلاثة أو أربعة.
> وأتيم قرنق كان واضحاً وهو يلمح إلى أن هذه المجموعات هي مجموعات سلفا كير ومشار وباقان أموم، وهم أبناء القبائل الثلاث الدينكا والنوير والشلك.. وهو يقول إنه مع مجموعة سلفا كير وهو ابن قبيلته.
> فحتى الأحزاب في جنوب السودان غير قابلة لتكون قومية فلماذا يرفض مشار ويعترض على تقسيم البلاد الى مزيد من الولايات؟!. وحتى الثمانية وعشرين ولاية قد لا تكون كافية لتحقيق الهدف.. وأموال الشعب أولى بها التخطيط للحلول وليس دعم حركات التمرد السودانية.
غداً نلتقي بإذن الله.