محمود الدنعو

واشنطون الخرطوم جوبا وبالعكس


شهدت الأيام الماضية محاولات من جميع الأطراف لتحريك ساكن العلاقة بين واشنطون من جهة والخرطوم وجوبا من جهة أخرى، والشاهد أن توتر العلاقة بين أي طرف من هذا الثالوث ينعكس سلباً على أزمات المنطقة، فاللقاء الذي جمع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بنظيره السوداني إبراهيم غندور على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أفضى – بحسب تصريحات الوزير غندور – إلى خارطة طريق لتطبيع العلاقات الثنائية بين الخرطوم وواشنطن خلال المرحلة المقبلة، بينما يجوب الولايات المتحدة هذه الأيام نائب رئيس جنوب السودان السابق رياك مشار زعيم المعارضة المسلحة الموقع للتو مع الرئيس سلفاكير اتفاق للسلام في البلاد، سيعود بموجبه إلى منصبه نائباً للرئيس، والتقى مشار بالجليات الجنوبية في الولايات المتحدة، وتحدث إلى مسؤولين في الولايات المتحدة والأمم المتحدة حول مستقبل عملية السلام في الدولة الوليدة.
في حوار أجرته صحيفة (واشنطن تايمز) أشار (أوان رياك)، مستشار رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت إلى أن الولايات المتحدة لديها التزام بدعم جنوب السودان. وتحدث عن أن الولايات المتحدة يجب عليها أن تقدم المزيد لدعم الديمقراطية التي ساعدت على إنشائها هناك قبل 4 سنوات، وحذَّر من أنه من دون دعم صريح من الولايات المتحدة لبلاده، فإن دائرة العنف التي تجتاح جنوب السودان منذ الاستقلال ستستمر. وتحدث عن أن بلاده لا تستطيع أن توقف العنف وحدها، ولن تنجح في ذلك، مشيراً إلى أن واشنطن لديها التزام بالتدخل بما لديها من موارد لا تستطيع أي دولة جارة لجنوب السودان تزويدها بها.
إذن، الرسالة التي أراد مستشار سلفاكير توصيلها إلى البيت الأبيض عبر الصحيفة الأمريكية، لأن العلاقات بين جوبا والبيت الأبيض تدهورت منذ العام 2013 عندما أصدر سلفاكير قراراته بإقالة نائبه وعدد من كبار المسؤولين، وهي الخطوة التي فجرت الصراع لاحقا، الرسالة مفادها أن الدولة الوليدة غير قابلة للحياة من دون القابلة التي أشرفت على عملية الولادة القيصرية لها وأن رسالة أوباما العقابية لحكومة جوبا وصلت بدليل أن الرئيس سلفاكير الذي استشاط غضبا من تجاهل أوباما له خلال زيارته أديس أبابا لمناقشة أزمة جنوب السودان مع دول الجوار الأفريقي، ورفض التوقيع على الاتفاق، عاد ووقعه في جوبا رغم التحفظات الكثيرة التي أعلنها على نص الاتفاق، وذلك تحت الضغوط والتلويح بالعقوبات الأمريكية.
الخرطوم جربت العقوبات الأمريكية لسنوات وأوجدت لها بدائل، ولم تعد تتوقع الأسوأ، ولكن من الواقع أن جوبا لا تحتمل أكثر، بدليل قول المستشار لسلفاكير إن واشنطون لديها موارد لا تستطيع أي دولة جارة لجنوب السودان تزويدها بها.