تحقيقات وتقارير

الحوار الوطني بين دفتري الحضور والغياب


مع بزوغ فجر اليوم (الاثنين) (5) أكتوبر من العام (2015)م يكون قد بدأ العد التنازلي لانطلاق عجلة الحوار الوطني المحدد بدايته في العاشر من أكتوبر الحالي، وكلما اقترب الموعد رويداً رويدا ترتفع وتيرة التكهنات والاستنتاجات حول أسماء الوافدين إلى طاولة الحوار سواء كانوا من الأحزاب المعارضة الممانعة ، أو من الحركات المسلحة، ويبدو من خلال التحركات الأخيرة التي شهدتها الساحة السياسية بالداخل وانعكاساتها بالخارج ،يبدو أن أمراً ما سيحدث، ربما يكون الحدث الذي سيصاحب انطلاق الحوار هو عودة الإمام “الصادق المهدي” للانخراط مجدداً في عملية الحوار، وذلك من واقع الخطاب الناعم بينه والرئيس البشير، أو ربما يرتفع سقف الأحداث بحضور بعض قيادات الحركات المسلحة بعد تحركات مساعد الرئيس “إبراهيم محمود” على رأس وفد كبير والتقائه بالرئيس “ديبي” من أجل دفع الحركات إلى مائدة الحوار ، ولكن في نهاية المطاف تمضي الترتيبات لانعقاد مؤتمر الحوار في موعده المحدد بمن حضر ،على الرغم من رغبة الحكومة والأحزاب المنضوية في آلية (7+7) بمشاركة أشمل تفضي إلى تفاهمات ومخرجات تنهي حالة الاحتقان السياسي التي تعيشها البلاد ، ويرتبط كل هذا ويتأثر سلباً وايجاباً بتوقيعات الحاضرين والغائبين في دفتر مؤتمر الحوار الوطني.
لمسات أخيرة
اكتملت كافة التجهيزات لانطلاق الحوار الوطني بالعاشر من أكتوبر وفق ما أفادت بذلك آلية الحوار الوطني التي عقدت أمس الأحد اجتماعاً مفصلياً وضعت من خلاله التصورات النهائية للمؤتمر، وإجازة الترتيبات كافة ، ولم يتبق لها سوى لقاء رئيس الجمهورية رئيس آلية الحوار الوطني من أجل إطلاعه على ما تم ترتيبه من تجهيزات لذاك اليوم ، بينما تولت وزارة الخارجية أمر توزيع الدعوات للبعثات الدبلوماسية المعتمدة في الخرطوم لحضور المؤتمر ، وقد شملت الدعوات كل من الاتحاد الإفريقي ، والجامعة العربية ، ورئيسه مفوضية الاتحاد الإفريقي ، و”ثابو أمبيكي” رئيس الآلية رفيعة المستوى .
إجازة البرنامج
قال عضو لجنة آلية (7+7) “بشارة جمعة آرور” في حديثه لـ(المجهر) عقب اجتماع اللجنة الذي عقد أمس الأحد قال إن اجتماع آلية الحوار أجاز نسبة مشاركة المرأة في الشخصيات القومية التي ارتفعت إلى (30%) بجانب إجازته لبرنامج يوم (10) واستماعه لتنوير من لجنة تهيئة المناخ ، وأشار “جمعة” إلى أن هناك بشريات سيتم الكشف عنها خلال الأيام القادمة بعد اكتمال الجهود لإقناع بعض الحركات للمشاركة في الحوار ، وتوقع “آرور” مشاركة معظم القوى السياسية باستثناء (4) أحزاب قال إن لها غبن ومواقف متصلبة ، ورفض “آرور” الإفصاح عن الحركات التي وافقت على الحضور بحجة رغبتهم في عدم التشويش لتلك الحركات ، وبشأن لقاء الآلية برئيس الجمهورية أشار إلى أن الموعد رهين بجدول أعمال الرئيس ، وأكد أنهم يتوقعون حضور الإمام “الصادق المهدي” في أي وقت سيما بعد المشاورات التي جرت معه والتي قطعت شوطاً بعيداً.
على مسؤليتهم
عضو الآلية التنسيقية العليا للحوار “عثمان أبو المجد” عضو لجنة تهيئة المناخ أكد مشاركة عدد من الحركات المسلحة في الحوار الوطني، وأوضح أنه تم اقتراح تضمين عدد من القيادات إلى قائمة الشخصيات القومية والنسوية داخل آلية الحوار، وكشف عن مشاركة مرتقبة لعدد كبير من الأحزاب التي غادرت طاولة الحوار في بداياته الأولى، وقال إن حزب الأمة القومي وافق على المشاركة في الحوار وفق شروط يمكن مناقشتها، بجانب حزب حركة الإصلاح الآن والتي هي الأخرى وضعت شروطاً للمناقشة، حديث “عثمان أبو المجد” أكده عضو الآلية “عبود جابر” حينما قال إنه لا يستبعد مشاركة “الصادق المهدي” في الحوار، كاشفاً عن تحركات مكثفة داخل أروقة الآلية استعداداً للمؤتمر، مشيراً إلى تقديم الدعوات للاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ودول صديقة ورؤساء داعمين للحوار على المستوى الإقليمي والدولي.
موعدنا يوم (عشرة)
تأكيدات مشاركة حزب الأمة في مؤتمر الحوار الوطني التي أعلن عنها “عبود جابر” و”عثمان أبو المجد” لم ينفيها نائب رئيس الحزب اللواء “فضل الله برمة ناصر”، وأكد قبول حزبه إجراء الحوار الوطني بالداخل، وقال إن الجميع مع إجراء الحوار بالداخل بعيداً عن أية مزايدات، وزاد: (لكن لا بد من القيام بإجراءات أولية تمهيداً للحوار) ، هذه الإجراءات بحسب “برمة ناصر” يأتي في مقدمتها تشكيل لجان للإشراف على اتفاق الحكومة والحركات المسلحة، بجانب فتح المسارات لانسياب حركة المواد الغذائية للمواطنين المتضررين من الحرب والاتفاق على مبادئ الحوار.
وساطة تشاد وتباين مواقف الحركات
عند عودته من زيارة قصيرة إلى جمهورية تشاد من أجل توسيط رئيسها “إدريس ديبي” المعروف بعلاقاته الواسعة مع قيادات الحركات، لم يقطع مساعد رئيس الجمهورية المهندس “إبراهيم محمود حامد” العشم في قبول الحركات للدخول في الحوار الوطني وقال إن الرئيس “ديبي” أكد له مواصلة مساعيه لإقناع الحركات المسلحة للانضمام إلى مائدة الحوار الوطني، وأضاف : الفرصة مواتية الآن للحركات المسلحة للوقوف مع صف الشعب السوداني، لكن الحركات المسلحة أظهرت تبايناً في المواقف بشأن وساطة الرئيس “ديبي” ففي الوقت الذي أكد فيه زعيم حركة تحرير جيش السودان للعدالة “الطاهر أبوبكر حجر”، مشاركته في المشاورات التي دعا لها الرئيس التشادي بإنجمينا حول سلام دارفور، قالت حركة العدل والمساواة، إنها ليست لديها أي خطة أو نية للقاء أي مسؤولين يمثلون الحكومة، ومضت حركة تحرير السودان جناح “مني أركو مناوي”، على طريق العدل والمساواة ونفت أي مشاركه لها في مشاورات طرفها “إدريس ديبي” ، واعتبر المتحدث باسم حركة العدل والمساواة “جبريل آدم بلال” أن الحكومة تحاول بكافة الوسائل إضفاء نوع من الشرعية لمشروع الحوار في الداخل بإظهار التواصل مع أطراف الصراع، بجانب تشكيك مكونات الجبهة الثورية وقوى (نداء السودان) في مواقف بعضها من النظام ولكن هيهات”.
الأمم المتحدة على الخط
على الرغم من أن الحكومة لم توجه الدعوة لمنظمة الأمم المتحدة لحضور تشريف مؤتمر الحوار الوطني كمراقب إلا أن ذلك لم يمنع المنظمة الأممية من ممارسة دورها في الضغط على الحكومة لإنجاح الحوار حيث طالب الأمين العام للأمم المتحدة، “بان كي مون”، الحكومة السودانية بخلق بيئة مواتية لإنجاح مبادرة الحوار الوطني الشامل،وحثها على الانخراط في محادثات مباشرة مع حاملي السلاح في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق لوقف الأعمال العدائية، وطبقاً لتصريح أصدره المتحدث باسم الأمين العام، عقب اجتماع لوزير الخارجية “إبراهيم غندور” مع “كي مون” أن الأخير رحب بالمساعي المبذولة لإجراء حوار وطني في السودان.
بعيون واشنطن
الولايات المتحدة الأمريكية هي الأخرى ركبت موجة الحوار الوطني، لكن على طريقتها الخاصة، وذلك حينما أعلنت في بيان لها الأسبوع المنصرم تأييدها لخطوة الحركة الشعبية بوقف إطلاق النار لمدة (6) أشهر، ومن بعدها أصدر رئيس الجمهورية “عمر البشير” مرسومين جمهوريين أعلن بموجبهما العفو العام عن قيادات وأفراد الجماعات المسلحة المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، مع وقف إطلاق النار لشهرين في مناطق القتال، لكن واشنطن دعت الأطراف الحكومة والحركات المسلحة على الالتزام بوقف العدائيات لمدة ستة أشهر مع بدء العمل بشكل جدي لتحويل هذه التصريحات إلى نهاية دائمة للصراعات في السودان، ورأت واشنطن أن الالتزام بوقف الأعمال العدائية واحترامها يوفر فرصة هامة لخلق مساحة ضرورية من أجل حوار حقيقي لمعالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع السياسي والصراع المسلح الذي يعاني منه السودان لفترة طويلة جداً.

المجهر السياسي