عبد الجليل سليمان

التحلل يكرس للفساد


مارس المنصرم، وفي خطوة وصفتها كافة وسائل العالم بغير المسبوقة منذ إطلاق هذه الفعالية العالمية المهمة قبل أكثر من قرن، أقالت لجنة جائزة “نوبل” للسلام رئيسها منذ العام 2009م (ثورنبيورن ياغلاند)، وعينت مكانه نائبته (كيسي كولمان فايف)، على خلفية جدل كبير أثير خلال فترة ترؤسه اللجنة حول ما وصف بأنه اختلال كبير حدث في عهده للمعايير الدقيقة التي كانت تتبعها اللجنة في منح الجائزة، خاصة في ما يلي منحها لكل من باراك أوباما، المنشق الصيني ليو تشياوباو والاتحاد الأوروبي.
يوليو المنصرم، تقدمت الوزيرة السويدية (مانا سالين) باستقالتها بعد أن أدانها القضاء السويدي بملء خزان سيارتها الخاصة بالبنزين على حساب الدولة مستخدمة كارت صرف ممنوحا لها من الحكومة وبقيمة لم تزد عن 60 دولارا. ورغم أنها تذرعت بنسيانها بطاقتها الخاصة في البيت، واضطرارها لاستخدام الحكومية لمرة واحدة، ورغم أن القضاء أثبت أنها أعادت المبلغ في اليوم التالي، إلا أن القانون السويدي اعتبر هذا التصرف استغلالا للمال العام مما دفع الوزيرة إلى تقديم استقالتها فورا.
الشهر نفسه، استقال وزير المالية اليوناني (يانيس فاروفاكيس) على خلفية رفض اليونانيين بغالبية كبرى خطة الدائنين في الاستفتاء الذي نظم بهذا الصدد إثر ما يعرف بأزمة الديون اليونانية، كما لم يخل هذا الشهر من استقالات كثيرة أخرى لمسؤولين كبار في هذه (الدنيا الوسيعة) لعل أبرزها استقالة نائب رئيس مجلس اللوردات البريطاني أعقاب ما عرف بفضيحة الكوكايين والعاهرات.
حتى الدول العربية التي يمكث فيها الوزراء والحُكّام إلى أن يُحملوا على آلة حدباء أو يُطاحوا، تقدّم وزراء من مصر، والكويت ولبنان باستقالات على خلفيات مختلفة، مجبرين أو برغبتهم.
بالطبع، لا يُمكن أن يتقدم أحد باستقالة من منصب رفيع إلاّ إذا كان مُنخرطاً ضمن منظومة قيمية ذات حساسية عالية في ما يلي القيم والأخلاق، تلك المنظومة هي التي تجبره على الإقدام على هكذا خطوة، وإلا ستجعله يقدم عليها رغم أنفه، و(بالقانون) الذي يحمي ويحافظ على هذه القيم بصرامة ودون هوادة.
هنا، يتحللون سرّاً وجهراً، يتحللون من (حرامهم) بإعادة بعض ما نهبوه من أموال، وبالتالي تعتبر السلطات ما اقترفوه من جرم شنيع (حلالاً طيباً)، فكيف يأتي الرجل على أمانته ويسرقها ويستثمرها ويتربح مِنها أضعافاً مضاعفاً ثم يأتي إليه القانون بمخارج، والفقهاء بمخارج أخرى، فيتحلل من جريمته ويشجع الآخرين على ارتكابها طالما أن الحرام سيصبح حلالاً بتشريع ينسبه بعضهم إلى السماء.
على أي حال، لن يتقدم وزير أو مسؤول فاسد في هذه البلاد باستقالة، كما لن يقدم إلى محاكمة، طالما أن منظومتنا القيمية والأخلاقية (تحلل) جرائم الفساد المالي، بهذه (التصريفة) المخجلة المسماة (التحلل).


تعليق واحد

  1. دي حكومة الانقاذ
    بحللو الحرام
    الفساد من ديوان الزكاة , مكتب الوالي , شركة الاقطان , سكر النيل الابيض , وكالة سونا للانيا, وزارة العمل , جهاز المغتربين , الحج والعمرة , مطار الحرطوم الجديد, المدينة الرياضية , اراضي وكيل وزارة العدل , السكة حديد, سودانير, التقاوي الفاسده , مشروع الجزيرة , بتاع القضارف,
    من من هذة القضاية تمت محاكمتة ومثل امام القضاء السوداني (هو فضل فيها قضاء) وليسة الفساد كتير لا تسمح المساحة بنشره فساد يزكم الانوف
    يمهل ولا يهمل