عثمان ميرغني

دخول.. بدون عودة!!


د. أحمد بلال دون أن يشعر كشف وجهاً آخر للأزمة السودانية.. قال- حسب وكالة سونا-:
(كثير من الممانعين وحملة السلاح أبدوا استعدادهم للمشاركة في جلسات الحوار الوطني، رافضا الكشف عن إعلان أسماء حملة السلاح الذين أبدوا الرغبة في المشاركة وعزا ذلك للمضايقات والتصفيات التي يمكن أن يواجهونها من قبل بعض قادة الحركات المتعنتين الذين ظلوا يمارسون ممارسات سيئة تجاه منسوبيهم تصل لدرجة التصفية الجسدية) .
حسناً.. الأمر معقول ومقبول.. لكنه يتحوَّل إلى (طرفة) إذا أكملت قراءة بقية تصريحات السيد وزير الإعلام.. يقول.. من باب الشفافية فإن جميع الحوارات وجلسات الحوارات للوطني ستبث على الهواء..
يبقى السؤال.. هؤلاء القادة (المستخبين)!!.. ألن يشاركوا في المداولات المفتوحة.. إذاً سينكشفوا لمن يتربص بهم.. فهل يعني ذلك أنهم لن يعودوا.. وأنهم حضروا إلى الحوار بالخرطوم بتذكرة سفر لاتجاه واحد بلا عودة؟ أم أن الحكومة معنية فقط بحضورهم ومشاركتهم لكنها ليست معنية بمصيرهم بعد انتهاء جلسات الحوار.
لا أقصد هنا التشكيك في ما قاله الوزير بقدر ما التنبيه لأس الأزمة.. أن كان مجرد (حوار) مع الحكومة يقود من يتجرأ به إلى المقصلة.. ألا يعني ذلك أن الحكومة مسؤولة عن ضخ وتوفير أكبر قدر من (النوايا الحسنة) لتعمير الثقة.. سأشرح الأمر أكثر..
في سياق المواجهة المزمنة بين الحكومة والحركات المسلحة.. ظل الخطاب الرسمي للحكومة مؤسس على لغة واحدة.. هي لغة العداء السافر والمواجهة لحد الفناء.
ولو تصرفت الحكومة بذكاء وعملت بمبدأ (ما للعقل للعقل.. وما للعضل للعضل).. فتركت المواجهة العسكرية بأدواتها وشراستها.. بينما الواجهة السياسية بوجه طلق يلعن شيطان الخلاف ويلهج بالكلمة الطبية التي هي (كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء).. لظلت دائماً أبواب الأوبة مفتوحة لمن ألقى السمع وهو شهيد.. فالنفس الإنسانية (اللوامة) قابلة في أي وقت للمراجعة واستدبار المواقف وتغيير لسان الحال أن اقتنعت بذلك.
لكن الخطاب الحكومي تجاه الحركات ظل واحداً ينذر ويرعد ويثير المخاوف عند الآخر.. فيصبح مجرد محاولة البعض الحوار مع الحكومة ضربا من الخيانة الموجبة للتصفية الجسدية على حد قول وزير الإعلام وعضو آلية الحوار د. أحمد بلال عثمان.
من الحكمة أن تستدرك الحكومة –وبالطبع حزبها الحاكم- أنه وبعد أكثر من ربع قرن من الزمان لم يعد في إمكان البلاد أن تتحمل جراحاً أكثر.. وأنها هي المسؤولة عن بلوغ السلام فهي في موقع الفعل وبيدها القلم..
وأن الحوار ربما هو آخر فرصة!!


تعليق واحد

  1. الظاهر مشاكل السودان قدر حل جزئ ولو كبير منها ويحسب الناس بعدها يحل السلام يظل هناك شويه روب ليمتلئ بعده الكوب روبا من جديد