صلاح حبيب

السودان وأمريكا من يصدق من!!


ما الذي يجعلنا نتفاءل بتحسن العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، فما الجديد سيدي وزير الخارجية البروفيسور “غندور” في تلك العلاقة، وما هي خارطة الطريق التي تم رسمها لتكون هادية للبلدين، دائماً نتفاءل وطبيعة السودانيين البسيطة لا تدري ما الذي يخبئه الآخرون لهم.
لقد عاد قبل فترة البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” رئيس البرلمان من أمريكا ولم يشعر بأي اختراق قد حدث للعلاقات بين السودان وأمريكا.. التفاؤل دائماً يكون هناك شيء ملموس أو شيء نحسه، ولكن لم نلمس ولم نحس بأي شيء حدث لتلك العلاقات المأزومة بين البلدين منذ صبيحة الثلاثين من يونيو 1989م. إن الولايات المتحدة الأمريكية لن ترضى عنكم سيدي الوزير “غندور” ما لم تركعوا تحت أرجلها وتنفذوا سياساتها مع ربيبتها إسرائيل التي تنظر إلى السودان من أعلى أنفها.
إن العلاقات السودانية الأمريكية لن ينصلح حالها أبداً وإذا تحسنت علاقات السودان مع إسرائيل لن تنصلح مع أمريكا.. لأن أمريكا ليس شيئاً واحداً، فهي أشبه بالإخطبوط.. كلما ركعت أو سجدت لها تريدك أن تركع وتسجد أكثر، وما تقوم به أمريكا ما هو إلا سيناريو يلعب بالمسؤولين السودانيين حتى يشك كل واحد في الآخر.. فإذا سمحت أمريكا وبدأت علاقات طيبة مع “قوش”، ظن “قوش” أنه ابن أمريكا المدلل حتى يتم الشك في “قوش” فيضرب، فيأتي دور رجل آخر يعد الأقوى فتتودد له أمريكا ويظن الآخرون أنه رجل أمريكا ومفتاح العلاقات بين البلدين، ثم يضرب هذا الرجل وتصبح العملية لعباً كما يلعب القط والفأر، فلا تتحسن العلاقات ولا يحدث اختراق.. وتستمر العملية.
إن علاقتنا مع أمريكا ينبغي أن تظل في مكانها ويعمل السودان لتقوية نفسه ومجتمعه ونظامه بدلاً من التهافت نحوها، كل مرة بشكل وبشخص، وأمريكا لن ترضى عنا ما لم نكن مثل إيران التي بنت نفسها وبنت جيشها وتحدت أمريكا ورفضت الانصياع لقراراتها، والآن أمريكا تخشى إيران وإسرائيل تخشى إيران وحتى العرب يخشون إيران، لأن إيران عملت ما لم تعمله أي دولة أخرى رفضت الذلة والركوع لأمريكا.. رفضت الخضوع لأي قرار تصدره أمريكا.. لأن لديها من السلاح ما يكفي لمواجهتها، حتى ولو لم تنتصر عليها.
السودان يمكن أن يصبح دولة مثل إيران، فله رجال فقط تنقصنا الهمة، فإذا وجدت يمكننا أن نصبح مارداً يخيف أمريكا ومن يقف معها، ولكن الركوع والاستسلام والطيبة لن تصنع دولة ولن تحل مشكلة.
ويجب ألا نفرح كثيراً بأن أمريكا وضعت خارطة طريق لعلاقتها مع السودان وما نفرح بأن السودان وضع في البند العاشر كله زي بعض.. فما لم تصدر أمريكا قرارات نشعر فيها مصلحة للوطن، فلن نصفق لأي قرار مضروب، ولن نهتف إلا إذا كانت النية صادقة.