مزمل ابو القاسم

تعلية السقف وتخفيض المطالب


* ذكرنا غير مرة أن مبادرة الحوار الوطني التي أطلقها الرئيس البشير لم تحظ بالعناية التي تستحقها فور ميلادها، وأن الحزب الذي أخرجها إلى الوجود لم يتعهدها بالرعاية اللازمة، كي يضعها على طريق النجاح.
* المبادرة الجريئة، وما تلاها من تعهدات بذلها الرئيس، وقضت بإطلاق حرية العمل السياسي، وتمكين الأحزاب من ممارسة أنشطتها بلا تضييق، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعزيز حرية الصحافة والحريات العامة، ودعوة الحركات المسلحة لحوار الداخل، مع توفير الضمانات اللازمة لها كي ترمي بسهمها مع الراغبين في إقرار السلام، كانت تستلزم من المؤتمر الوطني أن يحولها إلى برنامج عمل، تشارك في تنفيذه كل أجهزة الحزب ومؤسساته بلا استثناء.
* المؤسف أن الحزب الحاكم اكتفى بمدح وتقريظ المبادرة، ولم يتبعها بأي عمل جاد، يحررها من الجمود، وينقلها إلى مرحلة (الديناميكية) السياسية، كي تكتسب فعالية توصلها إلى بر الأمان.
* لم يكن منظوراً أن يبادر قادة الحركات بإلقاء أسلحتهم والهرولة إلى الخرطوم لمجرد أن الحكومة دعتهم إلى المشاركة في الحوار، ووعدتهم بتأمين مساهمتهم فيه.
* كانت تحفظاتهم ومطالبهم التي تستهدف توفير ضمانات كافية لإنجاح المبادرة، وتحديد سقف زمني لها، واتخاذ إجراءات جادة لإعادة بناء جسور الثقة (بضمانات دولية) منطقية ومتوقعة.
* مؤخراً تخلى المؤتمر الوطني عن السلبية التي تعامل بها مع المبادرة، ونشط في التحرك لإقناع الممانعين وغلاة المعارضين وقادة حركات التمرد بجديته فيها، وحضهم على المشاركة فيها.
* إدخال الرئيس التشادي إدريس ديبي طرفاً في المبادرة، ومطالبته بالتوسط لإقناع قادة الجبهة الثورية بالمشاركة في مؤتمر الحوار.. تكليف مساعديْ الرئيس، المهندس إبراهيم محمود مساعد رئيس الجمهورية، والعميد الركن عبد الرحمن الصادق المهدي بالسفر إلى القاهرة لإقناع الصادق المهدي بالمشاركة، ومنح الإمام كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر.. تجديد الدعوة لأحزاب الممانعة.. إيقاف إطلاق النار من جانب الحكومة لمدة ستة أشهر.. التعهد بعدم اعتقال أي معارض لثلاثة أشهر.. دعوة نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية.. وثابو إمبيكي رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى لحضور افتتاحية جلسات المؤتمر، كلها خطوات إيجابية فعالة، تنم عن جدية، وتشير إلى رغبة أكيدة في إنجاح المبادرة.
* من الأهمية بمكان أن يتعامل المؤتمر الوطني مع الحراك القوي الذي سينطلق يوم السبت المقبل على أنه مجرد (بداية) لمشروع حل سياسي سوداني، يفضي إلى اتفاقٍ ناضج، ينتج تحولاً ديمقراطياً شاملاً، يوقف الحرب، ويقود لإقرار دستور دائم، يُرسِّم حدود الممارسة السياسية، ويفضي إلى دولة الحرية والعدل والكفاية، المؤدية إلى الرفاهية.
* مطلوب من المؤتمر الوطني أن يزيد حراكه ويرفع سقف تنازلاته كي يضمن نجاح مبادرته، ومطلوب من الممانعين والمعارضين تخفيض سقف المطالب، وتوسيع الصدور لأي مقترحات يمكن أن تفضي إلى اتفاق سياسي معقول.
* تذكروا جيداً، مؤتمر السبت مجرد بداية، وليس خاتمة المطاف.


تعليق واحد