عبد الجليل سليمان

مهلاً.. هنالك فساد!


يا الله، ما الذي يريد أن يقوله وزير الدولة بالعدل، عندما نفى ليومية التيار (عدد أمس) وجود فساد في أجهزة الدولة، وعدَّ ما يحدث محض تجاوزات مالية محاسبية لا ينطبق عليها توصيف (فساد)، وأن إنشاء مفوضية لمكافحة الفساد لا يعني وجودة بالفعل، وإنما إجراء احترازي على طريقة (الوقاية خير من العلاج).
وبينما ينفي الوزير (أحمد أبو زيد)، الفساد عن أجهزة الدولة نفياً قاطعاً، ويعده محض (تجاوزات مالية)، تعرِّف كل التشريعات والمصطلحات الاقتصادية والقانونية هذه التجاوزات بالفساد، وتحاسب من يرتكبونها وتزج بهم في السجون وتقيلهم عن مناصبهم – لمجرد الشك – فقط، وقبل الإدانة، للأنهم ببساطة شديدة (ارتكبوا) تجاوزات التي تعني مفردها (تجاوز) وهي تعني حتى في اللغة: الأفرط والخروج على الأعراف والتّقاليد، وعندما نقول فلان تجاوز القانون، فإن ذلك يعني أنه خالفه، وخرج عليه ولم يتقيّد به، وهذا بالضبط معنى مصطلح (Irregularities) القانوني والمحاسبي والأخلاقي، وبالتالي فإن كلمتي (مخالفات وتجاوزات) تعنيان الفساد (شخصياً) وبمعناه الحرفي والتأويلي.
بطبيعة الحال، لا يمكنني هنا أن (أتجاوز) وأغض الطرف وأغفل عن تقارير منظمة الشفافية الدولية، ففي آخر تقرير صادر عنها للعام (2014) تحت عنوان (مؤشر مدركات الفساد)، وهو مؤشر يرصد التجاوزات المالية والمحاسبية، بجانب الاختلاسات والتلاعب في في الميزانيات والعطاءات ومخالفة معايير الجودة وخلافها، مما يعد (فساداً عظيماً)، وضعت السودان في المرتبة قبل الأخيرة بإحرازه لمجموع (11) نقطة، متقدماً على الصومال وكوريا الشمالية اللتين أحزرتا (8) نقاط.
لكنني أيضاً وفي هذا المقام، لا بد لي أن أشير إلى أنه لربما لم يعن وزير الدولة بالعدل، ما قال بالضبط، لجهة أنه كما يبدو لكثيرين سريع الاستجابة لاستفزازات الأسئلة والمواقف، خاصة وأن تصريحه هذا جاء ضمن حوار أجرته مع (التيار)، وكما هو معلوم بالضرورة (الصحفية) أن الحوارات هي حزمة من الأسئلة الساخنة والمستفزة، التي تتطلب قدراً من سعة الصدر والرحابة وتقدير ما قد تترتب عليه الإجابات عليها من ردود أفعال موازية. وظني هذا مرجعة موقف موثق لذات الوزير حدث قبل عدة أشهر، قبيل انطلاقة ورشة نظمها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بالتعاون مع وزارة العدل، حيث لاحظ رجلاً يجلس بين سيدتين في المقاعد الأمامية بالقاعة، فأمره بالابتعاد عنهما قائلاً: “نحن توجهنا إسلامي حتى ندخل القبر ولا نخشى في العمل العام لومة لائم، لذا على النساء الجلوس وحدهن وكذا الرجال”. قبل أن يرد عليه الأخير، بقوله: أنا رجل كفيف والمرأة التي أجلس بجوارها عيوني التي أرى بها، وكلنا إسلاميون.. وما قلته لي لا يتماشى مع حقوق الإنسان”. لكن الوزير لم يعره اهتماماً بل زاده كيل بعير بقوله: “لك الخيار في الجلوس أو المغادرة”. وهكذا بدا لي الرجل سريع الاستجابة لما يعدها مواقف وبالضرورة أسئلة مستفزة، لذلك ربما، أراد أن يعيد تعريف الفساد وأن يبرر الغرض الرئيس لإنشاء مفوضية لمكافحته، وهو تحت وطأة الأسئلة. لكن ذلك كله لن يغير من الحقيقة الماثلة في شيء، وهي أن هنالك (فساد).


‫2 تعليقات

  1. الفسااااااااااااااااااااااااااااااد ازكم الانوف
    الوزير جبان ليسة لإ , خائف علي الكرسي