أم وضاح

قبل أن تجف الدماء!!


قبل عام أو يزيد، قضت سيدة نحبها وهي تحاول ايقاف آلة ألعاب أثناء وجود أبنائها فوقها، ليصعقها التيار الكهربائي داخل حديقة الملاهي بأم درمان، وتنتقل إلى رحمة مولاها مبكياً على شبابها، لحظتها أصابنا الحزن والفجيعة ، وكل شخص يتخيل أنه في ذات والموقف وذات المكان، وكما كل الأشياء ، بدا الحزن كبيراً ثم صغر ثم تلاشى ونسينا الموضوع دون أن تحدث مساءلة أو محاسبة أو مراجعة للحديقة وملحقاتها من الألعاب، وأظنها قد عادت للعمل في انتظار ضحية أخرى، لكن أمس تجددت الفجيعة بشكل أكبر وأعمق وأطفال في عمر الورود يتعرضون لأسوأ حادث يغتال براءتهم ويقطف زهور عمرهم ، قبل أن تتفتح في واحدة من ملاهي السجم والرماد، حيث انفصل قطار الموت عن خط اللعب والهزار واللهو وتحول إلى قطار موت جد جد ، حاصداً هذه الأرواح الندية البريئة!! ودعوني أقول إن أحد الذين كانوا شهود عيان على الحادثة قال لي وبالحرف الواحد إنه لولا ستر الله تعالى لارتوت الأرض بدماء عشرات الأطفال الذين كانوا لحظتها على متن القطار أو على جنباته، لكن العناية الإلهية صانتهم وحفظتهم، رغم أن خسارة طفل واحد هي فجيعة ومدعاة للألم والغضب، ولأن الإهمال وعدم تحمل المسؤولية أصبح هو العنوان العريض للمشهد السوداني ، بدلالة ما يحدث صباح مساء على الطرق وعشرات الأنفس تزهق بسبب السرعة الزائدة والإطارات المثقوبة والطرق غير الصالحة للسير عليها ، وبدلالة المستشفيات التي أكثرها يتناقل عنه المرضى القصص والحكايات ، وبدلالة الأسواق والمطاعم والكافيتريات التي تبيع الأوبئة والسموم المطبوخة ساندويتشات وعصائر وحلويات، وليست هناك جهة تراقب أو تحاسب أو تدقق في ما يقدم للمستهلك!! لكن قصة الملاهي هذه رغم كارثيتها أرجو أن تكون السبب في فتح هذا الملف الخطير، فمن هو المسؤول عن التصديق لهذه الملاهي هل هي استثمارية وتتبع لوزارة الاستثمار وبالتالي فهي المسؤولة عنها من الألف للياء، أم إنها مرافق سياحية تتبع للسياحة ، وبالتالي عليها أن تراجعها وتفتشها وتتأكد من صلاحيتها للعمل!! هل هذه الألعاب والأجهزة دخلت للبلاد وفق ضوابط ومعايير محددة، ينبغي عدم تجاوزها، أم إنها شغالة على كيف من يديرونها وتصنيعها محلي لا علاقة له بالمعايير والمقاييس العالمية!! الأهم من ذلك هل يتم مراجعة هذه الآلات ومدى صلاحيتها للعمل أم إنها شغالة بـ(البركة)، التي وإن زالت للحظة نجد أنفسنا مواجهين بكارثة روضة الأطفال التي حدثت أمس!! حاجة أخيرة ومهمة كلنا نعلم أن “قطار الموت” تحديداً من الألعاب الخطرة التي يفترض أن يمارسها أشخاص بعمر معين وطول معين، فكيف سمحت المشرفة على الأطفال وإدارة الحديقة، بتجاوز هذا الشرط وركوب طفل عمره فقط ست سنوات ، ليكون معرضاً في أحسن الفروض للسقوط على الأرض من ارتفاع عالٍ.
أعتقد أن هذه المأساة فيها ما يكفي من كشف غطاء الحقيقة المُرة: أننا بلد ماشة (باللزة) و(الدفرة) . كل ما فيها بلا مرجعية ولا مراجعة، المسؤولية فقط عند المؤسسات والوزارات تعني الجباية والتحصيل و(مكاوشة) قروش التصاديق، وقبل أن تجف دماء الصغير أمنحوني إجابة عن سؤالي المهم : لأية جهة تتبع هذه الملاهي حتى نختصمها يوم القيامة أمام المولى عز وجل؟
كلمة عزيزة
الخرطوم هي واحدة من أكثر مدن العالم تداخلاً بالأجناس ورغماً عن من تستقبلهم يوماتي من الولايات المختلفة فتحت ذراعيها لدول الجوار واللاجئين من أحباش ويمنيين وكمان سوريين، لكن رغم كل ذلك مازالت تحتفظ بكل خصال الأمن والأمان والهدوء الذي تحسده عليها كثير من العواصم العربية.. فالتحية لكل رجال الشرطة في ولاية الخرطوم العين الساهرة واليد التي تحمل الزناد، والتحية بالتأكيد لسعادة الفريق “محمد أحمد علي” مدير عام شرطة الولاية (الرجل الميزانه دهب وتقله ألماظ).
كلمة أعز
كرّم وزير المالية وزيرة الاتصالات في حضور نائب الرئيس على عمل هو من صميم عملها، نقول شنو (ألفي إيدو القلم ما بكتب روحه شقي).