مزمل ابو القاسم

بمن حضر


* ذكرنا سابقاً أن المؤتمر الوطني مطالب بالتعامل مع الحراك الذي سينطلق اليوم على أنه مجرد (بداية) لمشروع حل سياسي شامل، نتمنى له أن يفلح في إنهاء حالة التأزم التي يعاني منها الوطن حالياً.
* غني عن القول إن أي جهد يستهدف حل الأزمة بالطرق السلمية لا يمكن تبخيسه، حتى ولو لم ينل رضا المعارضين، لكن الثابت أن اتساع نطاق المقاطعة لمؤتمر الحوار سيضعف خلاصته بكل تأكيد.
* الحديث عن أن ما سيجري اليوم لا يعدو أن يكون مجرد (حوار مع الذات المنهكة)، كما وصفه ياسر عرمان، أمين عام الحركة الشعبية لتحرير السودان، لا يخلو من التشدد، لأن الحوار مع الذات ليس سيئاً، لكنه لن يكون كافياً لحل الأزمة بكل تأكيد.
* امتناع حملة السلاح وتحالف القوى الوطنية، وأحزاب مؤثرة عن المشاركة في المؤتمر، يعني أن الأزمة تراوح مكانها، لأن ما سيجري اليوم لن يخلص إلى وقف الحرب، وأي جهد لا يتوج بطي ملف النزاع المسلح لا يمكن اعتباره خاتمة مطاف لحوار ناجح.
* منطق المعارضة المنحصر في أنها لا يمكن أن تشارك في حوار لم تشارك في إعداده ولا في وضع أجندته، لا يمكن الاستهانة به، علاوةً على أن بعض الأفعال التي صدرت عن الحكومة مؤخراً لم تساعد في تهيئة المناخ الواجب توفيره لإنجاح أي حوار فعَّال.
* لا يعقل أن تتحدث الحكومة عن رغبتها في التصالح مع الآخرين، وتتحدث عن سعيها لإقرار حل سياسي يستند إلى صيانة الحريات العامة، ثم تقدم على حظر قيادات سياسية مؤثرة من السفر إلى الخارج، وتستمر في مصادرة الصحف قبل أيام قليلة من موعد انعقاد المؤتمر.
* كيف سيصدق قادة الحركات المسلحة أنهم سيغادرون الخرطوم بسلام إذا ما قبلوا الحضور إليها للمشاركة في مؤتمر الحوار، وهم يشاهدون أقرانهم في بعض أحزاب المعارضة يُعادون من المطار، ويحظرون من السفر بلا سابق إخطار؟
* كيف سيطمئنون إلى أنهم سيكونون آمنين على أنفسهم، وقادرين على العودة من حيث أتوا بعد انتهاء جلسات الحوار، وهم يشاهدون معارضين لم يرفعوا سلاحاً في حياتهم يُحرمون من حقهم الدستوري في التنقل؟
* مثل تلك القرارات الغريبة تتسبب في زيادة الاحتقان المسيطر على أجواء الحوار، وتقلص معدلات الثقة الواجب توافرها بين المتحاورين، وتنسف أي جهدٍ يستهدف تعزيز ثقافة الحوار في الساحة السياسية.
* مع ذلك كله نقول إن الحوار في حد ذاته يمثل قيمة مضافة لأي عمل سياسي، مهما شابته الشوائب وعابته النواقص، لذلك ذكرنا غير مرة أن المؤتمر الوطني مطالب باعتبار ما سيجري اليوم مجرد بداية، لأن الإصرار على إقرار مخرجات نهائية للحوار بمن حضر سيؤدي إلى إفراغه من محتواه.