تحقيقات وتقارير

الحوار الوطني.. انطلاقة بطعم (الحُلو مُر)


بقاعة الصداقة أمس دخل أعضاء آلية 7+7 يتأبطون كثيرا من الأوراق والمستندات والتي فيما يبدو هي ثمرة جهودهم التي بذلوها خلال الشهور الماضية للتحضير للحوار الوطني التي دعت له الحكومة في خطاب الوثبة الشهير قبل عامين من الآن، وصعد على منصة المؤتمر الصحفي على التوالي مساعد رئيس الجمهورية، إبراهيم محمود ثم وزير الإعلام أحمد بلال عثمان ورئيس حزب الحقيقة فضل السيد شعيب، فيما اصطف عدد من الوزراء وقادة الأحزاب والحركات المسلحة الموقعة على السلام في الصف الأمامي، افتتح المؤتمر وزير الإعلام الذي أدار المنصة فيما بعد بآيات من سورة الفتح دلالة كدلالة على الانتصار الذي حققته الآلية، بيد أن الواقع يحكي عن تمخض للجبل فانجب فارا، لأن كثيرا من مداخلات الزملاء فندت أحاديث النصر التي تفضل بها من في المنصة ما جعل إبراهيم محمود، يشتط غضبا في كثير من إجاباته ويسخر في أخرى.
غدا (السبت) تحصد اللجنة الحوار ثمار ما زرعته في السنتين الماضيتين وتجيء الجلسة الافتتاحية المقامة بقاعة الصداقة بعد مخاض عسير وجهود كثيفة بذلتها آلية 7+7 في إجراء اتصالات داخلية وخارجية مع القوى السياسية من جهة وحملة السلاح من جهة أخرى بيد أن اللجنة ومن خلال سردها لوقائع الاتصال الداخلي والخارجي بالحركات والقوى السياسية الرافضة كشفت عن فشلها في إقناع كافة مكونات الجبهة الثورية من حملة السلام وحزب الأمة القومي وقوى اليسار السوداني وقوى الإجماع الوطني وقطاعات عريضة من الحزب الاتحادي الديمقراطي بمن فيهم الاتحادي الأصل المشارك في الحكومة بدليل بيان الرفض الصادر من مكتب الناطق الرسمي لأكبر شريك للمؤتمر الوطني في الحكومة الحالية، ودفعها للمشاركة في الحوار، لكن محمود فند ذلك ودافع عن لجنته ووعد أن ما توصلت إليه نجاح كبير، وقال إن كافة أحزاب الأمة العشرة مشاركة في الحوار بالإضافة لقيادة الاتحادي الأصل الذي حمل موافقتها عضو الآلية أحمد سعد عمر، وعدد كبير من المنشقين بقيادة بارزة ومؤثرة متوقع أن تلحق بركب الحوار.
وحسب تصريحات أعضاء الآلية فإن مؤتمر الحوار الوطني سينطلق غدا (السبت) بمن حضر، وسيستمر في مدة اقصاها ثلاثة أشهر لمناقشة ستة محاور من بينها قضايا السلام والهوية والحقوق والحريات والاقتصاد والعلاقات الخارجية وقضايا الإدارة والحكم، حيث سيتم توزيع المؤتمرين على ست لجان فنية لمناقشة كل قضية على حده، ومن ثم رفع توصياتها إلى المؤتمر بتمثيل عضو واحد عن كل حزب وحركة مشاركة في الحوار وبمشاركة 70 شخصية قومية وعدد من الموفقين، فالقرارات سيتم الاتفاق عليها داخل المؤتمر بصوت لكل حزب غض النظر عن حجم الأحزاب وأوزانها، وأعلن أعضاء اللجان عن اكتمال كافة الترتيبات لانطلاق مؤتمر جلسات الحوار الوطني التي ستبدأ اعتبارا من الغد، في وقت شكا فيه أمين الأمانة العامة من عدم استلامهم إلى الآن ميزانية المؤتمر، التي ستدفع من خزانة الدولة، حسبما أكد مساعد رئيس الجمهورية، إبراهيم محمود، وقال أمين الأمانة العامة للحوار الوطني البروفيسور هاشم علي إن كافة أعضاء ورؤساء اللجان يتحركون بدعم ذاتي ولم يكشف هاشم عن التكلفة الكلية لمؤتمر الحوار الوطني لكنه كشف عن استلامه تصور من وزارة الإعلام بمبلغ 600 مليون جنيه للحملة الإعلامية استلمت منها 118 مليون فقط،
ويرى مراقبون أن مؤتمر الحوار الوطني أفسدته قوى المعارضة الرافضة بشقيها المسلح والمدني في وقت كان يمكن أن يقدم السودانيون نموذجا آخر في القارة السمراء لأكبر تراضٍ وطني في العالم، كما فعلت دولة جنوب أفريقيا التي توصلت بعد حوار وطني عميق استمر لسنوات إلى وفاق وطني، جعلها تتفرغ لقضايا النهضة والبناء الوطني وتنبذ الحرب والعنصرية التي كانت سائدة في تلك الدولة، لكن إبراهيم محمود شكا من تعنت الحركات المسلحة، وقال إنها أضاعت فرصة كبيرة في أن تنصهر في المجتمع بلا ملاحقات جنائية، وأضاف قائلاً: (رغم أن القانون السوداني يعتبر مجرد حمل السلاح جريمة، ويعاقب عليها، إلا أن رئيس الجمهورية، أصدر مرسومين جمهوريين وفر من خلالهما ضمانات كافية لحضور قادة الحركات المسلحة إلى داخل البلاد والمشاركة في جلسات المؤتمر، في وقت شن فيه هجوما لاذعا على الحركة الشعبية قطاع الشمال، وقال إن الحركة وطوال تاريخها ظلت ترفض خيارات السلام ومارست ذات النهج الذي تتبعه الآن مع كافة الحكومات الوطنية السابقة التي تعاقبت على حكم البلاد منذ العام 1983 حيث اعتبرت حكومة الديمقراطية الثالثة نسخة ثانية لحكومة مايو بينما شهدت الفترة الانتقالية التي أعقبت اتفاقية نيفاشا صراعات كبيرة مع شريكها في الحكم، اعتبر بقاء الفرقة التاسعة والعاشرة للجيش الشعبي وبقائهم في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كرفان، نية مبيتة من الحركة لاندلاع الحرب في المنطقتين بعد نهاية الفترة الانتقالية.

 

 

التيار