الهندي عز الدين

محاولة لـ(عسكرة) مجلس الصحافة !!


1
بعض التسريبات التي تنشرها بعض الصحف في أبواب (الأسرار) عن ترشيح أو تعيين فلان لموقع سياسي أو تنفيذي ما، تكون من نسج (مجموعة) أو (تكتل) صغير يسعى لتمرير الاسم إعلامياً في المرحلة الأولى، ومن ثم دفعه إلى المستويات الأخرى.
وقد تنجح الخطة، وقد لا تنجح، فإما أن يعين الشخص في المكان المقصود أو يضيع اسمه بين الزحام والتدافع بالمناكب في طوابير التعيينات على مكاتب ومجالس أصحاب المقام الرفيع .
2
قبل أيام، قرأت بإحدى الصحف تسريباً كتب في ذات الاتجاه، عن ترشيح الأخ العزيز الفريق شرطة “السر أحمد عمر” الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة، لمنصب الأمين العام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات، وذلك بعد تقاعده المتوقع قريباً !!
ويبدو أن البعض في وسطنا الصحفي أو خارجه استأنس في شخصية سعادة الفريق تناسباً مع هذا الموقع الذي استقال منه بسبب التجاذبات المعلومة أستاذ الإعلام البروفيسور”هشام محمد عباس” وغادر إلى السعودية للعمل بإحدى جامعاتها (بالشيء الفلاني من الريالات)!
لكل إنسان أو جهة تقديرات خاصة يعلمها أو تعلمها، ولكن الذي لا يختلف عليه عاقلان أن ملف الصحافة والإعلام يعتبر واحداً من أهم (الثغرات) التي ينفذ منها خصوم الحكومة الدوليون في مجلس حقوق الإنسان واجتماعات الأمم المتحدة بمختلف المنظمات.
وإذا كان هناك نقد مستمر (داخلي) و(خارجي) لأوضاع الحريات بصفة عامة في البلاد، وقد وجه السيد رئيس الجمهورية بالأمس وعبر منصة الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحوار الوطني بإتاحة المزيد من الحريات في الصحف وأجهزة الإعلام بما يتوافق مع القانون وأعراف المجتمع، فإنه بالتأكيد من غير المناسب إطلاقاً أن يفكر البعض في ترشيح شخصية (عسكرية) برتبة (فريق) لمقعد الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات.
سيصبح الأمر وكأنه مشروع (عسكرة) لمجلس الصحافة والمطبوعات، دون حاجة لاتخاذ مثل هذا القرار، وبلادنا تزدحم بصحافيين وكتاب مارسوا المهنة على درجة من الوعي والإدراك لمشكلات وواقع الصحافة السودانية، وهم أكثر قرباً منا نحن (أصحاب المصلحة الحقيقية) .. بينما المسافة أبعد من مواقع العمل الصحفي لأساتذة الجامعات وجنرالات الإعلام بالقوات النظامية. وبدلاً من ترشيح رجل مثل الأستاذ “راشد عبد الرحيم” لموقع مستشار إعلامي – بعد كل هذه السنين الطويلة في العمل الصحفي – لسفارتنا في “برلين”، حيث لا عمل استثنائي مطلوب، فإنه كان الأنسب ترشيحه للأمانة العامة لمجلس الصحافة، حتى قبل أن يتقلدها الأمين المستقيل “هشام عباس”.
مثل “راشد” لا يبحث عن حفنة دولارات أو يوروات بعد هذا العمر، ليأتيه راتبه متأخراً عدة أشهر كما يحدث في “برلين”. وغالب محطات الخارجية السودانية، منذ سنوات، بسبب أزمات التحويلات المستمرة، كما أن المستشاريات الإعلامية تحتاج لعمر محدد، وإلا فهي عموماً مجرد (ترضيات) و(هدايا) أو(مكافأة ما بعد الخدمة) لأحد موظفي الدولة ممن تطاولت بهم سنين الخدمة. وما يقال عن الأخ “راشد” يقال عن “علي أبا يزيد” المرشح من (سونا) لسفارتنا في أمريكا !
على المستوى الشخصي، قبل (7) سنوات، ربما كان مثل الموقع (مستشار إعلامي بسفارة) يروقني ويروق جيلي من الصحافيين، لكنني أعتقد الآن أنه غير مناسب لمن تجاوز الـ(45) من العمر. الاغتراب بعد (الأربعين) غير مثمر ولا يفيد إلا في حالات معينة ولسنوات محدودة أيضاً. قبل أن يرشح البعض الأخ الفريق “السر” لمنصب الأمين العام لمجلسنا الذي نال عضويته بالتعيينات من لم يكتبوا في حياتهم (سطراً) واحداً بصحيفة، عليهم أن يطلبوا منه مساعدة الصحافيين ورؤساء التحرير في قضاء حوائجهم ومعاملاتهم لدى الشرطة بطريقة مؤسسية، بدلاً من أن نلجأ لمعارفنا وأصدقائنا من ضباط الشرطة.
في مبنى نقابة الصحفيين في مصر هناك نوافذ للجوازات والبطاقات، ونافذة للحج والعمرة، ومرتبات تدفعها الدولة من الصناديق للصحفيين بلا وظائف، ومطعم يقدم وجبات بسعر (مدعوم) للصحفيين وضيوفهم. وإلى أن تبلغ نقابتنا ما بلغته النقابة المصرية قبل عقود، فإننا نرجو أن تعمل الجهات الرسمية والخدمية على تقديم خدمات تقديرية للصحفيين والإعلاميين. وفي هذا الإطار التحية للواء شرطة “أحمد عطا المنان” مدير الجوازات والهجرة والجنسية الذي يحترم الصحافة والصحافيين. وللعقيد المهذب “طارق محمد الحسن” مدير إدارة الترخيص بشرطة مرور الخرطوم، وللعقيد “أسامة عثمان” مدير مكتب وزير الدولة بالداخلية، فهؤلاء نماذج راقية لضباط شرطة محترمين ومهنيين، يحسنون التعامل مع كل الفئات.
نريد أميناً عاماً من بني جلدتنا المهنية .. لا من جلدة أخرى.