جمال علي حسن

التوافق الليبي.. ونحن المتوحلون


حكومة الوفاق الوطني في ليبيا هي بشارة خير بإمكانية إنهاء مرحلة الصراع والاقتتال المتعدد الأوجه بين الأطراف الليبية لأكثر من ثلاث سنوات بين حروب قبلية ذات خلفيات تأريخية وحرب سياسية بين المدني والإسلامي والعسكري وحرب على السلطة.. بجانب حرب القوى المتطرفة ضد السلطة والمجتمع والنخب المتصارعة نفسها .
دولة ليبيا بعد سقوط القذافي وتداعيات الصراع بداخلها نالت في تصنيفها وصف دولة فاشلة تماماً ولو تمت مقايسة واقعها مع حالة الحرب الأهلية في السودان والواقع المأساوي في سوريا والصراع الطائفي في العراق والأوضاع التي تعيشها اليمن، فإن التوقعات للأزمة الليبية كانت غير متفائلة بإمكانية تحقيق أي شكل من أشكال التوافق الوطني في السنوات القليلة المقبلة بل تفترض تلك التوقعات أن الليبيين سيعيشون فصولا قادمة أسوأ مما هو عليه حالهم الآن من الحرب والاقتتال.
ومن الطبيعي أن تتخلف بعض التيارات عن مسار التوافق الوطني الذي توصلت إليه أطراف الصراع الليبي تحت عين ونظر واهتمام المجتمع الدولي.. بعضهم يعتبرها حكومة وصاية أممية وآخرون لديهم تحفظات أخرى لكن الخطوة التي تمت ونوع التوافق بين أطراف متباينة يعبر عن حالة من الذكاء والوعي السياسي المكتسب والاستفادة من تجارب الآخرين والرغبة في الانتقال بحالة بلادهم السياسية من الصراع والاقتتال إلى السلام والاستقرار والتنمية ..
هذه رغبة حقيقية عند من توافقوا على مشروع حكومة الوفاق الوطني في ليبيا.. وتوافقوا على شخصيات ربما هي متباينة ومتناقضة في توجهاتها لكنها متوافقة وصادقة في إنقاذ ليبيا من الضياع. كذلك توافقوا على شخصية رئيس هذه الحكومة الذي نال درجة كبيرة من الإجماع عليه ..
ألا تستحق كل هذه النقاط من التوافق بين الفرقاء الليبيين أن تمنح وفاقهم الوصف بأنه انتقال كبير ونجاح حقيقي أنجزته النخب والأطراف الليبية التي لا تمتلك ولا حتى ربع التجربة والتراكم والخبرات السياسية السودانية.. خبراتنا التي لم تشفع لنا حتى اليوم في رفع راية توافقية واحدة برغم هذا الرصيد الضخم لكنها لم تنجح حتى الآن في التوافق على شيء بل إن الكثير من تلك الأطراف السياسية في السودان لا تزال غير مستعدة لتقديم أي نوع من التنازلات التي يستحقها هذا الوطن ليخرج من دائرة التصنيف بأنه دولة فاشلة والشاهد في مقاطعة المقاطعين للحوار الوطني في الخرطوم .
الليبيون انتبهوا سريعاً وبعد ثلاث سنوات فقط إلى ضرورة تضميد جراحهم وإنقاذ بلادهم من هوة الفشل السحيقة.. لقد اكتفى الليبيون بجرعات محدودة من الفشل وأقول محدودة بحسابات المدة الزمنية التي استغرقتها أزمتهم من لحظة الانفجار إلى محطة التوافق الأولى بالمقارنة مع عقود من سنوات الحرب الأهلية والقتال والصراعات السياسية والجهوية التي يعيشها السودان .
لا نقول إن ليبيا قد تعافت تماماً الآن لكننا نزعم بأنها وبعد أن انزلقت الى هوة أبعد من الهوة التي تنزلق فيها بلادنا ها هي تعود لتُيمِّمْ وجهها شطر المخرج والمنجى بخطوة صحيحة، ما كان لها أن تتم لو كانوا يتعاملون بطريقة ياسر عرمان الذي أمسك وتشبث بالأمس بتعبير أو عبارة صدرت من السيد الرئيس في سياق تنظيمه لفرص الحديث داخل قاعة الحوار ليحاول بها نسف الحوار جملة وتفصيلا .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.