مزمل ابو القاسم

محاكم الجبايات


* مشاهد مؤذية للأنظار والذوق العام، وحتى الحس الإنساني السليم، أن ترى بائعات (كسرة وشاي) يتعرضن إلى معاملةٍ فظة ومهينة من قبل موظفي محليات، يطبقون لوائح ظالمة، تسوِّغ لهم مصادرة معدات أولئك الكادحات، لإلزامهن بدفع جبايات ورسوم، يدفعنها صاغرات، لتذهب إلى المحليات مخلوطةً بعرق الكد، ودعوة المظلوم.
* الصدفة وحدها قادتني لمتابعة مشهد مماثل حدث في (سوق نمرة 2)، قبل أيام من الآن.
* الجبايات المذكورة يتم فرضها بأوامر ولوائح محلية، مجازة من مجالس تشريعية ولائية، وتحتاج إلى وقفة مراجعة، لأنها شوهت صورة المحليات في أذهان المواطنين، ودمرت الغرض الأساسي الذي أنشأت من أجله الدولة نظام الحكم المحلي، واستهدفت به (تقديم الخدمات للمواطنين من مستوىً أقرب).
* تصدر المطالبات بمسميات مختلفة، وتأتي مصحوبةً بأوامر سداد محددة الأجل.. من لا يستجيب لها يتم تحويله إلى محكمة خاصة، تضع من يمتنع عن الدفع في الحبس بطلبٍ من مفوض المحلية، ليبقى (إلى حين السداد).
* ذلك الأمر يسقط كل معاني العدالة الواردة في الدستور والقوانين المحلية والمواثيق الدولية، وحتى الشريعة الإسلامية الغراء، التي تمنح كل متهمٍ كامل الحق في أن يدافع عن نفسه، قبل أن تصدر حكمها عليه.
* الذي يحدث هنا أن المحكمة الخاصة تستمع لادعاءات مفوض المحلية وكأنها وحي يُتلى، وتتعامل مع الرسوم المقررة على (المتهم) على أنها حق حتمي، لابد من الوفاء به، بغض النظر عن الظروف المصاحبة له، وبلا أدنى تمحيص لكونه مستحقاً أو غير ذلك.
* محاكم (خاصة)، تم تشكيلها بأمر رئيس سابق للقضاء، تلزم المواطنين والشركات والمؤسسات بسداد قيمة جبايات، قلّما تصحبها خدمات موازية.
* خطورة تلك الممارسة تنحصر في أن المحاكم المعنية تتلقى خطابات من المحلية، تحمل أسماء العاجزين والممتنعين عن السداد، فتتعامل معهم وكأنها محاكم تنفيذ، وليست محاكم موضوع، ولا تنظر في موضوع النزاع، بل تنفذ أحكاماً أصدرتها جهات غير قضائية (ونعني بها المحليات).
* (التنفيذ) يتطلب صدور حُكم، وفي القضايا التي نتحدث عنها يتم التنفيذ بغياب الحُكم.
* تستفحل خطورة تلك الممارسة عندما تأمر المحكمة بحبس (المتهمين) من دون أن تستمع لردودهم، وذلك يمثل هدماً لأبسط قواعد العدالة، وتجاوزاً مريعاًً للدستور، وازدراءً لكل القوانين الإجرائية في السودان.
* يزداد الأمر سوءاً بمساواة العاجز والممتنع عن السداد بشاربي الخمر ومرتكبي جريمة الزنا وشهود الزور وغيرهم، لأنه يحبس مع معتادي الإجرام في زنزانة واحدة، إلى حين ترحيله إلى السجن الكبير.
* حتى مرتكبو الجرائم الكبيرة، بما فيها القتل، ينالون فرصاً عادلة للدفاع عن أنفسهم، أو توكيل محامين للدفاع عنهم، بخلاف من لم يسددوا رسوم محليات الجبايات.
* سيدي البروف حيدر أحمد دفع الله رئيس القضاء، نطالبك أن تبعد المحاكم عن تلك الممارسات المهينة للمواطنين، وأن تعيد إلى المحاكم وضعها الطبيعي، كي تحكم بين الناس بالدستور والقانون والعدل، من دون أن تنحاز إلى محلية، أو تمنحها ميزةً لا تتوافر لخصومها الممتنعين والعاجزين عن السداد.


‫5 تعليقات

  1. عافى منك يا ود ابو القاسم اب زرد….جننت الصفراب وقبلت على المحليات.

  2. و الله انتم معشر الصحفيين ما قصرتوا ابدا فى ابراز الوجه القبيح اللاانسانى للتعامل الظالم من بعض موظفى الحكومة تجاه المواطنيين المرور ناس الزكاة ناس الضرائب المحليات كلهم يتعاملوا مع المواطن كانه عدو ا لهم مع ان المواطن هو خط الدفاع الاول للحكومة . و اللوع لا يقع عليهم فقط بل اللوم الكبير على المشرع الذى وضع القوانيين المجحفة على هولاء البسطاء الذين يكدون و يجتهدون ليوفروا لهم و لابنائهم العيش الكريم . اكرر الاخوة الصحفيين ما قصروا ابدا و لكن لا احديستمع اليهم وشكرا استاذ مزمل لانحيازك للضعفاء

  3. ياااازول

    خليك فى …

    عبده جابر

    بله جابر

    رمضان عجب

    الناس القدر فهمك ..