تحقيقات وتقارير

أحزان الرئيس.. دموع على خدود سيادية


كانت لأفته للانتباه تلك الدموع التي طفرت من مقلتي الرئيس البشير بمطار الخرطوم الدولي، ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين يحمل جثمان وزير الصناعة الراحل عبد الوهاب محمد عثمان موشحاً بعلم السودان، قبل أن يصلي عليه البشير ومن خلفه قيادات الدولة وزملاء الراحل، ودموع الرئيس لفقد عبد الوهاب ترجع للعلاقة القوية التي ربطت بين الرجلين منذ سنين الإنقاذ الأولى؛ إذ يعد عبد الوهاب من كوادر الحركة الإسلامية الأساسيين الذين أسسوا شركة (دانفوديو) حيث شغل منصب المدير العام لها، ثم ارتباطه بالوزارة التي سبق للرجل أن تقدم باستقالته منها لأكثر من مرة كان الرئيس يقابلها في كل مرة بالرفض، إلا أن مغادرة عبد الوهاب الدنيا بأسرها ومناصبها الوزارية جاءت نهائية هذه المرة، ولم يستطع الرئيس رفضها، وهذا ربما اختلج في نفسه وجعل دموعه تغالبه على النزول، وذات الموقف يتكرر اليوم بعد أن غيب الموت مساء أمس، وزير رئاسة الجمهورية، صلاح ونسي، بعد صراع لم يطل مع المرض، بإحدى مشافي ألمانيا، حيث خضع هناك لعملية جراحية.
ويعتبر الوزير الراحل من كوادر الحركة الإسلامية، وكان أحد الناشطين في قطاع الطلاب، وعمل في وقت سابق مديراً لمكتب رئيس المؤتمر الوطني، كما نشط بإدارة مكافحة الإرهاب بجهاز الأمن والمخابرات وتدرج في الجهاز، حتى وصل رتبة العقيد وتقاعد اختياريا؛ وعمل وزير دولة بوزارة الخارجية ثم وزيراً لرئاسة مجلس الوزراء، وبعد ذلك وزير برئاسة الجمهورية، ويغلب على عمله الإمساك بالملفات التنفيذية، لذلك حزن الرئيس البشير على فقده سيكون عميقاً، ويمكن أن يستعيد به حقه في البكاء مثلما قالت أحلام مستغانمي ليس البكاء شأنا نسائيا، ولا بد للرجال أن يستعيدوا حقهم في البكاء، سياسيون كثر طفرت من أعينهم الدموع ونطت من بين صلابة وتماسك يخالها الناظر لهم ضعفا من بعد قوة ارتسمت في مخيلة الكثيرين، فهناك العديد من المواقف التي فاضت فيها أعين سياسيين وسياسيات أو أجهشوا بالبكاء بسبب مواقف صدق أو بدواعي إحباط من وضع معين، وثمة اعتقاد بأن رؤساء العالم هم عادة أقوى الرجال أو هكذا يفترض أن يكونوا، إلا أن القوة السياسية من الممكن أن تذوب أحيانا أمام المشاعر الإنسانية داخل كل منهم مهما كان جبروته أو عظمته التي يتصورها الآخرون ويوهم بها من حوله، وفي لحظة ما تتغلب الطبيعة على الهالة فتنهمر الدموع ليس فقط في الخفاء ولكن أيضا أمام عدسات المصورين.
فالدموع التي طفرت من مقلتي الرئيس البشير بسبب فقده للأعزاء غزيرة وكثيرة، منذ رحيل النائب الأول لرئيس الجمهورية الشهيد الزبير محمد صالح، ورحيل وزير الدولة بالدفاع العقيد إبراهيم شمس الدين، بالإضافة إلى حزنه في رحيل د. مجذوب الخليفة، ومستشاره لشئون التأصيل الشيخ أحمد علي الإمام، والقيادي بالمؤتمر الوطني محمد مندور المهدي، لكن الحزن الأعظم للرئيس البشير كان في فقده لشقيقه الشهيد عثمان حسن أحمد البشير الذي إستشهد بمناطق العمليات بجنوب السودان، وكذلك حزنه على شهداء طائرة تلودي التي كان يقلها عدد كبير من قيادات الدولة ووزرائها، التي سقطت منذ نحو أكثر من ثلاثة أعوم بولاية جنوب كردفان، لكن رحيل ونسي جاء وقت كان الرئيس فيه مبتهجاً بإنطلاق الحوار الوطني، لكن كما قالت إبنة قسطنينة ليس بإمكانك أن تقييم حواراً مع الحزن.

الوان


‫5 تعليقات

  1. انا المحيرني لماذا لم يقولوا انه شهيد رغم ان الذي مات قبله في لندن حصل على لقب شهيد

    1. الشهاده لله اخي لاينفع الغول وانما تنفعك الاعمال ربنا يتقبلو بي رحمتو انا لله وانا اليه راجعون

  2. يا ليتك تــزرف الدموع مدررا على الوطن و المواطن الذى أهين و أذل و ذاق المر و ازهقت ارواح دون وجه حق و شرد الكثير من أيناء هذا الوطن خارج الحدود و غادر اهلنا من دارفور حواكيرهم مرغمين الى شاد و الخرطوم و انتشروا فى ربوع الوطن كلاجئين فى وطنهم الذى كان مأوى لمن ضاقت بهم الدنيا و اطبق عليهم الحصار و العنف و القتل و سياسة التهجير القسرى التى يمارسها الاسرائيلين فى فلسطين المحتله .
    لم نشهد ظلما فى عهد الاستعمار التركى و الانجليزى و لا دماء تسفك بهذه القذارة لابرياء و لكن نحمد الله على أن وهبنا قوة التحمل و الصبر على الابتلاءات و الجوع و الفقر و الشقاء الدائم و الاكتفاء بما تجود به المنظمات الطوعيه الانسانية من غذاء و كساء و قيل من الماء النقى و الردىء وهذا من فضل الله .
    لكن حب السلطه و التفرد بالقرار فى مصير أمة افقدكم الكثير من الحواس و الاحساس بالاخرين وليكن شعاركم باقى فينا تراق فيه الدماء ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟