الطيب مصطفى

لماذا يا إسحق ؟ !


يقول إسحق فضل الله والخوف يحتشد مالئاً رئتيه وقلبه إن (الطيب مصطفى الذي يقود تدمير اتفاقية نافع عقار يطلق الأعذار ذاتها الآن وهو{يشتهي} شيئاً مثل اتفاقية نافع عقار) ثم يعقب إسحق تلك الكلمات الواجفة بعبارة (اجتهاد يخادع)!.
أقول لإسحق ليتك لو تعلم أن الطيب هذا لا يزال يناصب عقار العداء ولا تزال كلمة (الرويبضة) تحوم حول رأس عرمان لا تغادره حتى يضع سلاحه فوالله لن نحايد في يوم من الأيام بين من يتمرد على الدولة السودانية وبين القوات المسلحة التي تحمي ثغورها وترابها ولكن!
رغم ذلك فإننا نعلنها على رؤوس الأشهاد إننا ما استجبنا لنداء الحوار الذي أطلقه الرئيس في يناير من العام الماضي إلا ليقيننا أن ذلك النداء ما قصد منه إلا توحيد إرادة الأمة السودانية حول سلام شامل يضم كل أبناء السودان بعيدا عن الاحتراب الذي أرهق كاهل البلاد والعباد وحول قواسم مشتركة تتراضى عليها كل اطراف الخلاف والتشاكس من خلال تنازلات (يتجرعها) المتنازعون في تسام عن صغائر الأمور وسفسافها يسوق هذه البلاد إلى مسار جديد وطور جديد من أطوار تاريخها المترع بالدماء والدموع.
عندما أعلنا نحن في منبر السلام العادل عن تأييدنا لإعلان باريس وقامت قيامة المشفقين والمتربصين لم نكن متناقضين البتة فقد رأينا في ذلك الاتفاق فتحاً تمكن السيد الصادق المهدي من خلاله من انتزاع موافقة الحركات المتمردة على وقف إطلاق النار بدون أدنى تنازل عن الثوابت التي لن نرضى لها بديلا ولم يتضمن ذلك الإعلان قطميراً من الشراك المنصوبة في اتفاق مالك عقار الذي أراد ان يستنسخ كارثة نيفاشا بشحمها ولحمها من جديد.
كان إعلان باريس نسخة طبق الأصل(تقريبا) لاتفاق أديس أبابا الذي وقعه د.غازي صلاح الدين فيما بعد مع أطراف إعلان باريس بشهادة ثابو إمبيكي رئيس الآلية الأفريقية التابعة لمجلس السلم والأمن الأفريقي ووافقت عليه الجمعية العمومية للحوار الوطني مع خارطة الطريق التي تمت الموافقة عليها كذلك كمرجعية للحوار.
لن ننكأ الجراح أخي إسحق ونحكي كل الخروقات التي حدثت للوثيقتين ولذلك سنقفز مباشرة لنقول إن وثيقتي خارطة الطريق واتفاق أديس أبابا هدفتا إلى شيء واحد هو أن يكون الحوار شاملاً بحيث يحقق الهدف الإستراتيجي المتمثل في السلام وإنهاء الحرب فلا فائدة من حوار لا يجمع أهم أطراف الأزمة السودانية.
أود أن أذكر بأنه عندما انعقدت الجمعية العمومية الأولى الممهدة للحوار الوطني في يناير من العام الماضي لم تشارك فيها الحركات المسلحة وقوى الإجماع الوطني الأمر الذي جعل من ارتضوا الحوار من طرفي الحكومة وأحزابها والمعارضة وأحزابها المتمثلة في تحالف القوى الوطنية يركزون على شيي واحد هو وضع خطة محكمة تقنع الرافضين للحوار خاصة من حملة السلاح بالانخراط فيه حتى يكون شاملاً باعتبار أن ذلك هدف يجعل الحوار بدون تحقيقه غير ذي جدوى ..تلك الخطة هي خارطة الطريق التي أشرنا إليها فقد حددت المطلوبات التي من شأنها ، إن وضعت موضع التنفيذ ، أن تقيم الحجة على الرافضين للحوار بما فيها الحركات المسلحة..للأسف كما ذكرنا آنفا لم يستجب لخارطة الطريق بما في ذلك مطلوبات تهيئة المناخ التي تعتبر أهم ما تضمنته من بنود وقد تجاوزنا عن ذلك.
كذلك فإن مما تم الاتفاق عليه مع ثابو امبيكي وآلية الاتحاد الأفريقي التي كانت جزءا من اتفاق أديس أبابا والحوار الوطني بموافقة الحكومة أن يعقد مؤتمر تحضيري في أديس أبابا لا يكون بديلا للحوار الوطني المتفق على انعقاده في الخرطوم إنما فقط أن يكون لقاء يمهد لحوار الخرطوم بهدف تطمين الحركات المسلحة وتقديم ضمانات لها وإشراكها في وضع أجندة الحوار بالداخل.
لم نكن نحن مصرين على هذا الحوار التحضيري في أديس أبابا أو غيرها فإذا وافقت الحركات المسلحة على انعقاده فلا بأس أما إذا رفضت فإننا نعتبر ذلك مهراً قليل الكلفة في سبيل العرس الأكبر والهدف الأسمى المتمثل في انخراط الحركات المسلحة التي تعتبر مشاركتها أهم من معظم من شاركوا في جلسة العاشر من أكتوبر بالنظر إلى أن الحركات هي التي يمكن أن تحدث الفرق وتحقق مشاركتها الأهداف التي ما انعقد الحوار إلا من أجلها.
الآن وقد بدأ المؤتمر فإنه بشهادة الجميع منقوص بل إنه خال من المشاركات الإقليمية والدولية ما عدا إدريس ديبي ونبيل العربي ولن يحقق بشكله الحالي الأهداف التي انعقد من أجلها ولكن رغم ذلك فإننا لن نفقد الأمل في أن ينقذه من دعا له ويفترض أنه الأحرص على نجاحه وأعني الرئيس البشير ولا ينبغي أن تكون النوافل مقدمة على الفرائض ولا الوسائل على الأهداف ولا يعقل أن تكون (الوسيلة) المتمثلة في انعقاد اللقاء التحضيري حائلا دون تحقيق الهدف الأكبر الذي بدونه لن يكون المؤتمر الحالي أفضل حالا من مؤتمرات كثيرة مثل كنانة الذي لم نحصد منه غير الهشيم.