حوارات ولقاءات

أميرة قرناص: بعض مسؤولي الأمم المتحدة انتقدوا اختياري


سيدة يعرفها الجميع قبل أن تشغل منصب سفيرة السودان لدى إيطاليا، التحقت بوزارة الخارجية في العام 1996 حتى 2000، وتنقلت بين عدد من إداراتها مثل إدارة المنظمات الدولية، الإدارة الأفريقية، إدارة حقوق الإنسان، وإدارة المرأة والطفل، ثم شغلت لسنوات طويلة وظيفة مترجمة في الأمم المتحدة، قبل أن تعود مجددا إلى الخارجية في 2007 لتتسنم إدارة البيئة والموارد الطبيعية.
إنها السفيرة أميرة داود قرناص، التي تخبرنا بعض تفاصيل سيرتها الذاتية، أنها عملت ما بين 1989 إلى 1993، محاضرة بجامعة الملك سعود بالرياض، في مجال تخصصها (العلاقات الدولية) التي درستها في جامعة الخرطوم، كما أنها تجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية.
رغم خبراتها المتعددة، انتقد البعض تعيينها من قبل وزير الخارجية السابق علي كرتي سفيرة للخرطوم إلى إيطاليا، كونها زوجته. لكن الوزير وقتها رد على منتقديه عبر برنامج فوق العادة الذي يقدمة ضياء الدين بلال لصالح فضائية الشروق بقوله: “إذا لم أعينها سأكون ظلمتها”، في إشارة لخبراتها المتراكة.
وفوق كل هذا وذاك شهدت فترة قيادتها للسفارة في روما حراكا دبلوماسيا وانفتاحا وتطورا في علاقات البلدين في كافة القضايا لا سيما الاقتصادية والسياسية. وأخيرا اختيرت أميرة قرناص لرئاسة لجنة الأمن الغذائي العالمي بعد فوزها بالتزكية وهو منصب تتنافس عليه كثير من الدول وبهذا الاختيار تكون قرناص أضافت زخماً جديداً لسيرتها الذاتية الضافية.
في كلمتها أمام اللجنة في الدورة الـ42 للأمن الغذائي، بعيد انتخابها قالت قرناص إنها ستبذل وسعها لتطوير عمل اللجنة، مشيرة إلى أن هناك حوالي (795) مليون شخص حول العالم يعانون نقص التغذية، وتعهدت قرناص بتنفيذ برنامج العمل متعدد السنوات الذي تمت إجازته متى ما توافرت الموارد المالية المطلوبة.
فوز أميرة قرناص الخميس الماضي، عدته الحكومة انتصارا للدبلوماسية، فيما انتقده بعض المسؤولين في الأمم المتحدة، بحجة أن الكرسي لا يناسب السودان، بينما حاولت بعض الجهات تغيير اللائحة من داخل اللجنة. (اليوم التالي) حاورت قرناص عبر الهاتف، لتوضيح مدى أهمية هذا المنصب بالنسبة للسودان.

+ الترشيح يتم عبر المؤهلات الشخصية والقبول
+ + فوز السودان يعتبر كسباً سياسياً وهذه مسؤولية كبيرة
+ غندور من خلال إرسال خطابات ولقاءاته مع رصفائه طلب دعم السودان
+ الانتقادات متوقعة لأنها سياسية
+ بعض الجهات حاولت تغيير اللائحة الداخلية للجنة عندما تم ترشيحي

* سعادة السفيرة أميرة قرناص كيف تم اختيارك لرئاسة لجنة الأمن الغذائي العالمي؟
– تم بالتزكية لكن لا بد أن يأتي الترشيح من دولتك وأنا أرأس حاليا منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) من بداية السنة وأرأس المجموعة الإقليمية للشرق الأدنى، وفي منظمات الأمم المتحدة توجد مجموعات الشرق الأدنى والمجموعة الأفريقية والآسيوية وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي والمجموعة الأوروبية وأيضا أمريكا الشمالية وكندا، فأنا أرأس مجموعة الشرق الأدنى في الفاو.
* وهل مجموعة الشرق الأدنى هي التي قامت بترشيحك لهذا المنصب؟
– نعم هي التي رشحتني لرئاسة لجنة الأمن الغذائي العالمي، والرئاسة فترتها عامان وترأسها الآن سفيرة هولندا ومندوبتها الدائمة لدى الفاو وهي كانت وزيرة زراعة سابقة في بلدها، فترتي انتهت يوم انتخابي يوم 15، وبالتالي دفعت مجموعة الشرق الأدنى بترشيحي، وبعد ترشحي مباشرة طلبت من مجموعة الـ77، التي ينتمي لها السودان دعم الترشيح، ودعمتني، وكالعادة تكون هناك بعض الأشياء هنا وهناك وفي النهاية الحمد لله المسألة تمت بسلام وتم انتخابي بالتزكية.
*هل إبراهيم غندور هو من رشحك؟
– هناك طبعا جهد كبير لأن هناك لوبي، وزير الخارجية أرسل خطابات لرصفائه وزراء الخارجية وأيضا خلال مقابلاته الكثيرة أثناء جولته الأفريقية، وفي نيويورك خلال اجتماعات الأمم المتحدة طلب من وزراء الخارجية الذين التقاهم دعم السودان، وأيضا طلب من سفاراتنا طلب الدعم من الدول الممثلة فيها، كان هناك جهد كبير لوزارة الخارجية عبر إدارة المنظمات الدولية وعلى رأسها الوزير نفسه، الذي التقى أيضا المجموعات في السودان والحمد لله توج الجهد بانتخابي بالتزكية.
* سعادة السفيرة ما الأهمية التي يمثلها هذا المنصب وما هي فائدته بالنسبة للسودان؟
– يعتبر كسبا سياسيا كون السودان يرأس لجنة الأمن الغذائي العالمي وهي لجنة مهمة فهذا كسب سياسي كوننا نستطيع أخذ المنصب، ومن خلال اللجنة يستطيع السودان أن يساهم في وضع سياسات تتعلق بالأمن الغذائي العالمي فهذه اللجنة هي التي تضع السياسات والموجهات.
* إذن من تمثلين في اللجنة؟
– أمثل كافة الدول لكن بما أنني من السودان فيمكن لكل الوزارات المعنية في السودان سواء أكانت الزراعة أو الثروة الحيوانية والسمكية أو الموارد المائية أي كل ما يتعلق بالأمن الغذائي، كل هذه الجهات يمكن أن تساهم في وضع السياسات والموجهات والمبادئ، مثلا هذه اللجنة أسست الاستثمار المسؤول والرشيد في النظم الزراعية.
* هذا يعني أن السودان سيكون له تأثير كبير في وضع السياسات؟
– نعم سيؤثر على وضعها على مستوى العالم، إضافة إلى ذلك هناك فريق خبراء رفيع المستوى تابع للجنة يمكن لخبرائنا أن يساهموا معه ويقيموا كثيرا من الأنشطة المتعلقة بالأمن الغذائي في السودان وبالتالي يمكن عكس تجاربنا في كل هذه المجالات وأن نبرز الموارد التي لدينا أي أن هناك فرصا كبيرة بالنسبة لنا.
* هل تدفع رواتب لرئاسة هذه اللجنة وهل لها مكاتب مخصصة؟
– لا تدفع لها أموال، بل الأمر تكليف كما أنها مهمة كبيرة على من يكون مسؤولا عن هذه السياسات وبحسب السياسات فإن هذه اللجنة تم تعزيزها ووضعت لها هياكل ولها مكاتب في الدول والأقاليم الجغرافية المختلفة ومجموعة استشارية وفريق خبراء رفيع المستوى من كل العالم وفيها سكرتارية رفيعة.
* أهم ما يميز هذه اللجنة؟
– أنها لا تقتصر على الدول الأعضاء فقط بل تضم منظمات الأمم المتحدة المعنية بالأمن الغذائي والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني بجانب معاهد البحوث الزراعية العالمية واقتصاديات التمويل العالمية، وهذه فرصة لمشاركة منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص ومعاهد البحوث السودانية عبر آلية المشاركة، وتعتبر هذه اللجنة أنموذجا للتعاون والتنسيق على المستوى الدولي لتحقيق الأمن الغذائي العالمي، ولابد من مشاركة كل الجهات المعنية رسمية كانت أو حكومية أو قطاعا خاصا.
* بعض المسؤولين داخل الأمم المتحدة انتقدوا هذا الاختيار لجهة أن السودان يمنع توصيل الأغذية إلى المناطق المتضررة بالحرب مثل جنوب كردفان والنيل الأزرق؟
– هذه الانتقادات السياسية متوقعة وهم لا يريدون للسودان أن يتقدم لذلك قلنا إن هذا انتصار كبير للسودان، وفي البداية عندما تم الترشيح حاولت بعض الجهات أن تغير اللائحة الداخلية للجنة فحدثت أشياء كثيرة لكن في النهاية تمكنا من النجاح لذلك يعتبر هذا تحديا كبيرا بالنسبة لنا وإن شاء الله ننجح فيه ونحن قادرون على هذا التحدي.
* ماذا يعني أن تشغل هذا المنصب سيدة من السودان؟
– هذا يدل على أن السودان به نساء مؤهلات وحتى عندما جئت كسفيرة الناس لم يكادوا يصدقون أن السودان فيه سفيرات، ذكر أحد الموجودين داخل القاعة أنها أول مرة تشغل امرأة من المنطقة العربية والأفريقية هذا المنصب.
* هل لعبت مؤهلات وخبرة وشخصية السفيرة دورا في هذا الاختيار؟
– الاختيار فعلا يتم بالمؤهلات الشخصية والحمد لله كانت لدي علاقات جيدة لأنني غير كوني رئيسة لمجموعة الشرق الأدنى أيضا رئيسة لجنة الثقافة والإعلام في المجموعة الأفريقية، إضافة إلى أن الشخص لابد أن يكون مقبولا، بعدها يطلبون من دولته أن ترشحه، لكن عندما يعرف البعض أن الشخص سوداني تظهر الأمور السياسية، وزير الدولة في الثروة الحيوانية جعفر أحمد عبدالله شارك وقدم كلمة بعدي وتحدث عن السودان وهو مؤهل.
* هل تثقين بأنك ستحققين نجاحا في هذا المنصب رغم التحديات التي تواجهك؟
– المسؤولية كبيرة وحزنا ثقة الناس في كل الدول النامية بما فيها مجموعة الـ77 الصين، وهي فعلا مسؤولية كبيرة خاصة ونحن نتطلع لأن تكون هناك إنجازات ملموسة في الواقع وأن تؤدي السياسات إلى تحقيق الأمن الغذائي لكن إن شاء الله وبالجد والمثابرة ننجح فيها وكل الناس في القاعة من منظمات المجتمع المدني قالوا لي “أنت من مناطقنا ونحن من دول العالم النامية نحن مؤملون كثيرا في أن تعملي حاجة” هذه كلها تشكل لي مسؤولية كبيرة وتحديا كبيرا نجتازه بتوفيق الله ودعم بلادي ودعم كل الدول النامية وحتى المتقدمة لأن الاختيار كما ذكرت تم بالتزكية وكلهم أكدوا استعدادهم لدعمي وإن شاء الله أحقق النجاح في هذا المهمة.
* كلمة أخيرة؟
– أهدي النجاح لبلدي شعبا وحكومة وكوني أفوز بهذا المنصب وأنا من تعلمت في المدارس الحكومية وتخرجت في جامعة الخرطوم وأبسط ما أقدمه إن شاء الله أن نظهر الصورة الحقيقية للسودان، كما أهدي النجاح لنساء السودان عموما وإلى روح والدي.

اليوم التالي