محمود الدنعو

الانتفاضة الثالثة بشكل جديد


تطورات الأحداث المتلاحقة في فلسطين المحتلة حولت السؤال عن احتمال قيام الانتفاضة الثالثة إلى أوان اندلاعها، بينما لا تزال وسائل الإعلام الإسرائيلية تسبعد قيامها لأسباب متعددة، وتصر على أن ما يحدث ليس انتفاضة ثالثة بل أعمال إرهابية، على حد زعمها، ولكن مجلة (ذي اتلاتنيك) الأمريكية أكدت أن هذه الأحداث وضعتنا فعلا أمام انتفاضة ثالثة. وأضافت أنها في حال اندلاعها، فلن تكون كسابقتيها، وهو الاستنتاج عينه الذي خلصت إليه صحيفة (الغارديان) البريطانية عندما قالت إن الانتفاضة الفلسطينية الراهنة التي تستخدم السكاكين، والمفكّات، والحجارة سلاحاً رئيساً لها، تختلف عن الانتفاضتين السابقتين في العديد من الأوجه، يأتي في مقدمتها المشاركة الكبيرة لطالبات المدارس والجامعات اللائي حاولن إخفاء وجوههن بالكوفية الفلسطينية.
وأضافت الغارديان أن هناك مؤشرات تدل على أن جاذبية الانتفاضة الجديدة تزداد بشكل لافت ومتسارع لدى شريحة الشباب، وأن الأمور خرجت عن سيطرة الساسة الإسرائيليين والفلسطينيين على الأزمة التي تزداد اشتعالاً يوماً بعد يوم. ووصف التقرير مواجهات الأسبوع الماضي بأنها الأشرس منذ سنوات. كما أضاف التقرير إلى طلب السلطة الفلسطينية من قوات الأمن الفلسطينية، والجناح المسلح لفتح عدم الانضمام إلى أعمال العنف، وتجنّب أي تصعيد، والاقتصار فقط على دعم الاحتجاجات الشعبية.
الاقتحامات الإسرائيلية الأخيرة للمجسد الأقصى إذن فجرت شرارة الانتفاضة الثالثة، وجاءت ردة الفعل بشكل عنيف لم تتوقعه إسرائيل التي تدرك خطوة الانتفاضة، وبالتالي تسعى إلى التشويش على الرأي العام الإسرائيلي بأن ما يحدث لا يرتقي إلى الانتفاضة، ففي صحيفة (جيوش نيوز) كتبت جيني فرازير تمني النفس بأن هذه ليس انتفاضة، وان ليست هناك انتفاضة بعد ثورات الربيع العربي، وتنقل عن صديقتها في إسرائيل ميشل شابين التي تعيش داخل دولة الكيان الإسرائيلي بأن ليست هناك حرب، وإنما أعمال إرهابية لأنه ببساطة عندما تكون هناك حرب تطلق صافرات الإنذار، ونتوجه إلى أقرب مخبأ تحت الأرض، ولكن الآن الحياة تمضي هادئة في إسرائيل.
أما فايما نيرينستين من صحيفة (تايمز أوف إسرائيل) يبدو أنها تيقنت من أن الانتفاضة قائمة، وبدلا من الجدال حول ذلك بعثت برسائل تحذر خلالها حكومة نتنياهو من أن الانتفاضة هذه المرة ستتحول إلى حرب دينية، وأن اقتحام المسجد الأقصى كان خطأً كبيراً حطم الوضع القائم، وصعد من وتيرة العنف ضد إسرائيل. وأشارت إلى خطوة الانتفاضة هذه المرة، حيث انخراط الشباب ما بين 17و23 عاما في هذه الاحتجاجات، ويصعب تميزهم، ففي السابق كانت إسرائيل تشتبه وتعتقل كل شاب ينتمي إلى حركات حماس أو الجهاد الإسلامي، ولكن الآن جميع الشباب الفلسطينيين باتوا على قناعة بأن إسرائيل تسعى لتدمير أو احتلال المسجد الأقصى.