مصطفى أبو العزائم

الحوار.. والأزمة!


متى يلجأ الإنسان إلى الحوار (؟) الإجابات قد تختلف وفق المواقف, لكنها تتفق في أن الإنسان يلجأ للحوار مع الآخرين عندما لا يكون هناك سبيل لحل مشكلة قائمة بين طرف وآخر أو بين طرف وعدة أطراف.. وعندما تفشل كل الأساليب الأخرى بما فيها القتال.
وما هي الأزمة؟.. الأزمة في اللغة, هي الشدة, والضيق وفي علم الأحياء هي دور إضطراب إحيائي كالبلوغ, وفي علم الطب هي نهاية فجائية تحدث في مرض حاد, وفي الاقتصاد هي اضطراب فجائي يحدث أو يطرأ على التوازن الاقتصادي, وينشأ عن اختلال التوازن بين الإنتاج والاستهلاك بما يتسبب في الغلاء وإرتفاع الأسعار والإفلاس.
أزمة البطالة- وفق معجم المعاني الجامع- هي عدم توفر فرص العمل للقادمين عليه, والأزمة الدبلوماسية هي توتر العلاقات بين دولة وأخرى, أو بين دولة وعدة دول.
والأزمة السياسية هي عدم الإتفاق بين القوى الحزبية ومكونات المجتمع المدني على إدارة الشأن العام للدولة, بما يستدعي تدخل قوة مسلحة أو الجيش لحسم أمر الحكم منعاً للفوضى والتفلتات ومنعاً للتدخلات الخارجية المباشرة أو غير المباشرة, أو حقناً لدماء أبناء الشعب الذين يحركهم السياسيون لتصفية حساباتهم الحزبية الخاصة في مواجهات تبدأ بالعنف اللفظي وتنتهي عادة بالعنف المادي والقتال.
بالله عليكم, يا أهل الحكم, ويا أهل المعارضة, ويا أهل السودان- كل السودان- أنظروا لكل هذه الأزمات, واسألوا أنفسكم: (هل سلمنا من أزمة منها؟.. وهل ظل مجتمعنا هو ذلك المجتمع المتماسك الطاهر الذي يفرق بين الشر والخير.. ويفرق بين الحلال والحرام.. ويفرق بين العيب والفعل الحسن؟).
لم تسلم بلادنا من أزمة من كل تلك الأزمات, ونحن للأسف الشديد من صنع الشدة والضيق بمحاولاتنا إقصاء كل من (لا) يتفق أو (لم) يتفق معنا في شيء.. وننسى أن الله سبحانه وتعالى خلقنا مختلفين, خلق كل واحد منا فرداً.. والفرد يعني التفرد وعدم الشبه بالآخر, أنظروا- هداكم الله- إلى الأشقاء, بل إلى التوأم, فهم لا يتشابهون, وحتى إن حدث شبه في الشكل فإن الإختلاف مؤكد في المضمون وفي الدواخل, ومؤكد حتى في بصمة الأصبع.
الرجل يختلف عن المرأة, والفتى يختلف عن الفتاة, والصبي يختلف عن الصبية, والرجال يختلفون عن بعضهم البعض وكذلك النساء, لكن هناك مشتركات إنسانية يجب ألا تضيع ويجب علينا أن نحافظ عليها, كما يجب علينا ألا نحول هذا الإختلاف إلى خلاف, لأن بالأول تستمر الحياة وتتنوع وبالثاني تضيق فرص العيش إن تحول الخلاف إلى عنف بالكلمات أو عنف مادي.
يا أهل السودان.. هذه فرصتنا.. بالله عليكم لا تضيعوها.. حتى لا تضيع بلادنا من تحت أيدينا وأرجلنا.. وأنتم تنظرون.
اللهم اهدِ أولي الأمر من قيادات هذا البلد, سواء كانوا في الحكم أو المعارضة, اللهم اهدهم للحق حتى يرونه حقاً فيتبعوه, وارهم الباطل باطلاً حتى يجتنبوه, اللهم اشرح صدورهم وصدور أهل السودان ويسر أمورنا جميعاً يا رب العالمين, وأجمعنا على كلمة سواء.. آمين.