مقالات متنوعة

د. جاسم المطوع : 6 علامات تكشف لك حب تملك الآخر لك


عرضت علي مشاكل زوجية كثيرة في «حب التملك»، وأذكر أن رجلا دخل علي يشتكي من حب تملك زوجته التي لا تريد أن يفارقها ساعة واحدة، واذا خرج في الفترة المسائية لأصحابه أو لقضاء حاجة تتصل به عشرات المرات، ورجل آخر اشتكى لي مرة أن زوجته تتدخل في كل تفاصيل حياته لدرجة أنها لم تجعل للخصوصية أي معنى، وقد مرت علي أكثر من قضية طلاق بسبب «حب التملك» الزوجة لزوجها لدرجة السيطرة والتحكم حتى في أنفاسه.
وعرضت علي كذلك حالات في «حب تملك» الزوج لزوجته وعدم اعطائها حريتها في التصرف أو التنفس، فأعرف رجلا يحبس زوجته بالبيت ويردد عليها أنه يحبسها لأنه يحبها ولا يريد أحدا أن يراها، وحالة أخرى لزوج مسيطر على تفكير زوجته وعلى مالها وقراراتها الشخصية بدعوى أنه يحبها ويريد لها الخير، وقصص كثيرة في «حب التملك» عند الرجال

فالتملك رغبة موجودة بالانسان فطره الله عليها منذ الصغر في مجالات كثيرة، منها التملك المادي مثل المال والأغراض الشخصية ومنها المعنوي وهو الذي نتحدث عنه في مقالنا هذا، فان هذا التملك يحتاج لتهذيب وتقويم حتى لا يتحول الى مرض سلبي يؤذي صاحبه ويؤذي الآخرين، وخاصة في العلاقة الزوجية أو العلاقة بين المحبين والأصدقاء

ان «الاهتمام والغيرة والاحترام» من علامات حب الطرف الآخر، ولكن ينبغي أن تكون مع اعطاء الطرف الآخر مساحة من الحرية يعيشها وحده أو مع أصدقائه وأهله، أما أن يتم السيطرة على جسده وحبسه في مكان محدد والتحكم في مشاعره ومنعه من التعبير عن رأيه فهذا هو التملك الذي يعدم العلاقة وينهيها، فالانسان خلق حرا لا عبدا الا لله تعالي، والتملك الايجابي هو الذي يحرص الحبيب أن يمتلك مشاعر حبيبه لا حياته

يختلف الرجل والمرأة في التعبير عن «حب التملك»، فالرجل يستطيع اخفاء شعوره بحب التملك أكثر من المرأة التي يظهر على وجهها وتصرفاتها مهما حاولت اخفاء ذلك، وقد يكون حب التملك في عالم الصداقات فلا يقبل من يحب التملك غيره بصداقة صديقه، وفي الغالب مثل هذه الحالات تنتهي بالانقطاع والهروب وعدم استمرار الصداقة لأن حب التملك يقيد حرية الآخر ويؤذيه.

وهناك ست علامات تظهر فيمن يحب التملك: الأولى أنه يريد من يحبه أن يكون له فقط ويرغب في أن يعزله عن العالم، والثانية أنه يحب أن يلتصق ويلامس من يحب دائما حتى أمام الناس كأنه يقول لهم هذا لي وليس لأحد، والثالثة أن يتصرف المحب مع الطرف الآخر بأنانية فلا يسمح له بالخروج وحده أو للترفيه عن نفسه، والرابعة أنه يريد أن يتحكم في كل تصرفاته ويغضب لو تصرف في أمر من غير اخباره، والخامسة أنه يرصد تحركاته ويتصل عليه دائما ويحقق معه للتأكد من الأماكن التي يذهب اليها، والسادسة يشعر بعدم الأمان في حالة بعده

ولا بد من التفرقة بين «الحب وحب التملك»، فالحب أن تعيش بسعادة وحرية وثقة واهتمام مع من تحب، بينما «حب التملك» أن تعيش بتوتر وشعور بالسيطرة الدائمة والتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتك من طعام وكلام ولباس وعلاقات وغيرها،

وعلاج مشكلة حب التملك السلبي أن نبين لمن يحب تملكنا بأن ما يفعله يضايقنا ويقيد حريتنا وأنه ليس من علامات العلاقة الصحية، ونشرح له الفرق بين «الحب وحب التملك»، يعني أن نجلس معه جلسات المصارحة والتوعية، فاذا حاول ضبط نفسه فنكون قد تجاوزنا المشكلة، وان استمر فربما يكون دافعه الشك والغيرة والحسد، ففي هذه الحالة يكون علاجه صعبا لأنه يكون أقرب الى الحالة المرضية، فلو كان حب التملك بين الصديقين ورفض العلاج فيكون الحل بانهاء العلاقة وينتهي الأمر، أما لو كان في حالة الزواج فالمسألة تحتاج لنقاش في سلبيات وايجابيات الاستمرار أو الانفصال، وكل حالة تدرس على حدة ويتم اتخاذ القرار المناسب بشأنها، فاني أعرف زوجين تطلقا بعد عشرين سنة بسبب «حب التملك» وأعرف زوجين متكيفين مع الوضع حتى اليوم.