مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : تعاون «داعش» ولا الأسد لشعب في دولتين


> هل بسط صبيان الدولة الإسلامية في العراق والشام سيطرتهم تماماً واستقر لهم الأمر بعد أن فترت واشنطن من استهدافهم لدرجة أن يشترى نظام حزب البعث الطائفي في العراق «الكهرباء» و«الوقود» منهم؟!.
> الصحافة البريطانية الناجحة بداية التحقيقات والحصول على المعلومات من خلال تمويه الشخصية والتجسس منذ زمن بعيد تقدم محرريها كجواسيس في مناطق النزاعات.
> ومؤخراً انفردت «فاينانشل تايمز»، وهي صحيفة معنية بالدرجة الأولى بالشأن المالي والاقتصادي كما يبدو من اسمها – بنشر تحقيق صحافي أشار إلى أن نظام بشار الأسد البعثي الطائفي وسلطات الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) يعملان سوياً ويتعاونان من أجل تزويد السكان في سوريا بالطاقة.
> وطبعاً هذه المعلومات تدل على أن سوريا الآن ليست دولة واحدة.. فجزء صغير يحكمه الأسد من بغداد.. وآخر هو الأكبر يتبع لسيادة (داعش) مع مناطقها في الإقليم الأوسط العراقي.
> وفي العراق أصبح إقليم كردتسان مستقلاً تماماً عن الدولة العراقية التي تُحكم من بغداد.. وهذا يعني أن أبابكر البغدادي يحكم أجزاء في العراق وسوريا هي أكبر من المناطق التي يحكمها الأسد ويحكمها العبادي من بغداد.
> أي أن داعش أصبحت دولة أمر واقع وأن من يحكم من بغداد ودمشق – وهم شيعة اثني عشرية ونصرية – ليسوا أفضل منهم في شيء.. بل أسوأ لأن ضحاياهم من (السنة) أكثر من ضحايا (داعش) ولا مقارنة.
> العديد من المنشآت الحيوية تحوّلت – حسب الفاينانشال تايمز – في سوريا الى مشروعات مشتركة بين داعش ونظام الأسد.. فسوريا أصبحت مقسمة بينهما.. وروسيا (الغبيانة) تقول إنها تتدخل لصالح الأسد للحفاظ على هيكلية الدولة السورية.
> لكن في الحقيقة إن تدخل رجال (داعش) هو ما حافظ على هيكلتها.. فهم يهيمنون على ثمانية محطات من أكبر موارد الطاقة في سوريا.. ويشتركون مع نظام الأسد في السيطرة على تسعين بالمائة من مصادر الكهرباء ويتعاونون اضطراراً مع بعضهم.
> وكان بإمكان قوات (داعش) المشكلة من أبناء العشائر السنية العراقية والسورية أن تنسف وتدمر كل محطات الطاقة (الكهرباء والغاز) ما دام أن الحرب مشتعلة، لكنهم آثروا الحفاظ على هيكلة الدولة بخلاف موسكو التي تريد الحفاظ على نظام الأسد على حساب منشآت الدولة الحيوية.. لتضمن سوقاً في المستقبل لبضائعها.
> و(داعش) دولة أمر واقع.. لكن إذا نظرنا أن الحوثيين في اليمن الذين يمكن أن يأتيهم الدعم الروسي لتقويض هيكلة الدولة اليمنية ومدينة مآرب اليمنية، الآن تصاب بشلل كامل بسبب سيطرة الحوثيين عليها.. فهي تنتج أكثر من سبعين بالمائة من النفط والغاز وهي مركز توليد الكهرباء الرئيس.. لكن إنتاج النفط والغاز يواجه تعويقات من الحوثيين والشاحنات تقف منتظرة شحن النفط والغاز.
وهذا طبعاً يضر بمصالح الشعب اليمني.. لكن «داعش» تعاونت بحذر وهي مضطرة مع نظام الأسد في حدود الحفاظ على مصالح الشعب السوري الذي أصبح موزعاً بين دولتين دولة بعثية علمانية وطائفية يقودها الأسد، وأخرى إسلامية يقودها أبوبكر البغدادي.
> والتحقيق الصحافي لصحيفة «فاينانشال تايمز» يقول بأن سلطات (داعش) ونظام الأسد يقيمان علاقات تعاون قوية في حقل توينان للغاز.. وهو أحد أهم مصادر الطاقة في سوريا.. والحقل يخضع حالياً لسيطرة سلطات (داعش) وهي تبيع منتجاته لنظام الأسد، ولا تفعل كما يفعل الحوثيون إخوة بشار الأسد في اليمن.
> لكن نظام الأسد لم يكن صادق في نفيه لهذه العلاقة الاضطرارية مع سلطات الدولة الإسلامية التي تحكم الجزء الأكبر من الأراضي السورية.. ويقول: «لا تعاون مع الجماعات الإرهابية بهذا الخصوص».
> وصفة «الإرهاب» هنا تبقى أقرب الى الرحمة والرأفة طبعاً مما يمارسه نظام الأسد ضد شعبه حيث أطلق حتى على الأطفال والنساء السلاح الكيماوي وأراد أن يبيد كل شعبه ما عدا الطائفة الشيعية التي يطلق عليها اسم «العلويون» وهم من الفرقة النصيرية.
> ولو لم تسيطر سلطات (داعش) على معظم مساحات سوريا لتعرضت محطات الطاقة فيها التي توجد تحت سيطرتهم للقصف والتدمير من قبل قوات نظام الأسد. إذن.. تدخل قوات (داعش) للسيطرة يبقى في حد ذاته حفاظاً على هيكلة الدولة السورية وحقن دماء الكثير من المواطنين.
> ولا نفهم هنا ماذا تقصد موسكو بالحفاظ على هيكلة الدولة بتدخلها في سوريا وليس الحفاظ على النظام السوري.
وسوريا الآن بنظامين نظام الأسد الذي انحسرت مساحات سلطته وسيادته، ونظام (داعش) الذي اعترف به نظام الأسد رغم أنفه وتعاون معه.
> بعملية حسابية نجد أن سلطات (داعش) بضغطها على نظام الأسد في سوريا لإيقاف أنهار الدماء شكلت شيئاً من التعويض عن تدخل واشنطن بعد أن عدلت عن موقفها بجهد إيراني خبيث.
غداً نلتقي بإذن الله..