احلام مستغانمي

كان ناقصنا همّ البقر !


وقوع بقرة في حبّ رجل، ليس أعجَب من وقوع ملكة في حُبّ ثور. ففي جنون الغيرة ، “ما فيش حدّ أحسن من حدّ.. ولا بقرة أجنّ من مَرَا”، كما جاء في «فن الهوى» للشاعر الروماني القديم أوفيد، الذي روى لنا في إحدى أساطيره ، ما تفعله الغيرة بالأنثى من خلال أُسطورة الملكة «باسيفاي»، التي وقعت في حُبّ ثور، وراحت المسكينة تتجمَّل له كلّ يوم، وتأتيه في كلّ زينتها وهو غير آبه لها، مشغول عنها بمرافقة البقرات، حتى تمنّت لو نَبَت لها قرنان فوق جبينها، عساها تلفت انتباهه.
ويبدو أنَّ «باسيفاي»، كانت أوّل كائن أُصيب بجنون البقر. فما لبثت أن هجرت قصرها إلى الغابات والوديان، لتُحملق في كلِّ بقرة، تقع عليها عيناها، مُشتبهةً في كلّ بقرة حلوبٍ لعوب، تتمرّغ على العشب الناعم، تحت بَصَر حبيبها الثور، عساها تسرق لبّه. وذهبت الغيرة بالملكة حدّ الفتك بغريماتها من الأبقار، بإرسالها إلى الحقول لإنهاكها بجرّ المحراث، أو إلى المذبح بذريعة نحرها قرباناً للآلهة!
لذا، أنصح النساء بأن يأخذن، بعد الآن، مأخَذ الجَدّ وجود البقرة كغريمة للمرأة، ومنافسة يُحسَب لها ألف حساب، خاصّة مذ نزلت الأبقار إلى ساحة الجَمَال، وإعلان جائزة أفضل تسريحة شعر للبقر في ألمانيا، واستعانة أصحاب الأبقار المتسابقة، بكل عدّة التجميل النسائي، من سيشوارات وبودرة وجيلاتين ومثبِّتات شعر، وأكسيسوارات زينة .
طبعا ، بهذه المواصفات والإمكانيات ،من المؤكد أن تكون البقرة الفائزة بقرة رأسمالية شبعانة وولهانة ، كسولاً و مغناجاً، مشغولة عن در الحليب بمطاردة الحبيب ، لا تشبه في شيء « حَاحَا النطّاحة»، البقرة الرمز التي خلّدها الراحل أحمد فؤاد نجم، في إحدى قصائده الشهيرة، بعد حرب 67 وأُودع بسببها السجن.
والأمر على ما هو عليه من العجب، لربما غدا لزاماً على المرأة مطالبة زوجها بمناداتها بعد الآن يا بقرة لا يا قمر، خاصّة بعدما كشف لنا رجال الفضاء الوجه البشع للقمر، وبعد إعلان النجم راسل كرو، أنّه انفصل عن صديقته الفاتنة، ليستطيع تمضية وقتٍ أكبر مع الأبقار في مزرعته، أسوةً بالكاو بوي بوش الذي اختارته العناية الإلهية ، رئيساً للمزارع الكونية المتحدة ، رحمة للعالمين ورباً للعدالة المطلقة ، فعكس الرئيس كلينتون، لم يُعرف لبوش أية خيانة زوجية ، فهو لا يهرب من زوجته إلا لمجالسة الأبقار ، لسبب وجيه ، صرّح به مؤخراً ” إني أحب صحبة البقر فأنا أتعلّم بمصاحبتها الكثير ” وفي هذا تفسير لسياسته الحمقاء .
ها قد جاءنا زمن عجيب أيتها النساء ، غدت فيه الأبقار تسرق منّا الرجال . . بل و تسرق من الشعوب عقل الحكام !
كان ناقصنا همّ البقر ! ( 2003)


تعليق واحد