أبشر الماحي الصائم

ﻻ هجرة للتمرد بعد فتح الحوار


* تسيدت تصريحات جهاز الأمن والمخابرات الوطني الجريئة أمس الأول واجهات صحف الخرطوم، وهي تفتأ تحذر الحركات المسلحة من مغبة التمادي في رفع السلاح في وجه الدولة بعد فتح منافذ الحوار والسلام، فضلا عن وقف الحرب من الجانب الحكومي، على أن الحكومة بخطوات فتح باب الحوار على مصراعيه وتقديم الضمانات اللازمة للمتمردين، ثم عملية وقف الحرب واستعدادها للأخذ بخلاصات العملية الحوارية، حسب مسوغات بيان الجهاز، تكون قدمت كل ما يمكن أن يقدم لصالح السلام والاستقرار والتنمية والبناء لمن يرغب في ذلك .
* على أن ثمة مبررات جعلت جهاز الأمن الوطني يرسل تلك التحذيرات في هذا التوقيت بالذات، فعلى الأقل أن هنالك في المقابل جهات متمردة سيما التي تعمل تحت واجهة الجبهة الثورية، لم تكتف برفض كل حوافز الحوار ولو أتت مبرأة من كل عيب فحسب، بل ذهبت إلى المزيد من عمليات التحريض والحشد والاستنفار والوعيد، بحيث أراد الجهاز الذي بات يمتلك قوة ضاربة، قوات الدعم السريع، أراد من وراء هذا التصريح أن يرسل رسالة جهيرة للذين هم خارج قاعات الحوار، بأنه لم يسرح قواته أو يجعلها تذهب في إجازة مفتوحة وهو يذهب الحوار !!
فقاعات الحوار للذين يودون الوصول إلى تسوية تجنب البلاد والعباد ويلات الحرب والاقتتال، التي نرى الآن نتائجها رأي العين في الشام واليمن وليبيا تقتيلا وتشريدا ونزوحا وترويعا !!
وللذين يودون جر البلاد إلى حالات الفوضى الخلاقة هنالك خيارات آخر مشهودة ومخبورة !!
* يجب أن ندرك جميعا، حكومة ونخبا وسائط معرفية وإعلامية، أن هنالك جهات قد اتخذت من شعار (إسقاط النظام) سيفا مشهرا وسبيلا مطروقا ﻻ يمكن التنازل عنه قيد أنملة، على أن مصالح وأجندات هذه الجهات تتقاطع كليا مع مصالح ا حكومة، وأعني تحديدا اليسار الكبير، أحزابا وحركات مسلحة ثورية وانفصالية وتحررية، حتي وإن لجأت يوما للحوار، فذلك لشراء الوقت أو الانحناءة حتى تمر إحدى عواصف الصيف الحاسم، ثم ﻻ تلبث أن تستأنف عملياتها العسكرية والثورية للوصول إلى مبتغاها عبر البندقية وﻻ شيء غير البندقية !
* لكن لسوء طالع هذه الجهات، إن المزاج الإقليمي والدولي قد انفض من حول قضايا السودان لعدة أسباب، أولها أن هذه الجهات لم ولن يكون بمقدورها تحقيق هذه الأهداف، وقد جربت لمسيرة ربع قرن من التمرد، غير أن السبب الآخر الأكثر أهمية يتلخص في أن هناك بؤر صراع أصبحت أكثر إلحاحا، ويذكر في هذا السياق ما يحدث في الشرق الأوسط من غليان، وهي المنطقة التي أكثر أهمية وحساسية للوبيات والمصالح الغربية !!
* ولم تبق إلا بعض الجمعيات والمنظمات التي توفر قليلا من الدعم للحركات المسلحة والجبهة الثورية، فضلا عن فقدان التمرد لموطئ أقدامه في المنطقة، ويذكر في هذا الصدد دولة تشاد ودولة الجنوب الفاشلة، ويقرأ كل ذلك مع حالات الانشقاق والتصدع الذي أصاب جسد الجبهة الثورية مؤخراً !!