محمد عبد الماجد

كمال شداد (موية باردة) في الاتحاد ما كان بيشربها


رجل بهذا الطهر والعفة والعبقرية والامانة ..كان من الطبيعي عندما يحدث تآمر عليه ان نصل الى هذا الدرك الاسفل
نفتقده الآن والموسم الرياضي في السودان يصبح اشبه بايام الحرب الستة حيث تبادل (التصريحات) اقرب لتبادل (النيران الثقيلة)
سألوا محمد سيد أحمد عن القوانين واللوائح التى تم عبرها اصدار القوانين الاخير فما وجد غير الحديث عن (الاصلاحية)
حتى (الجرس) غير موجود في باب بيته – تدخل بيته (توش) ..وان كان لا احد فيه ..حيث الباب المفتوح (24) ساعة

وفي الليلة الظلماء يفتقد (البدر) – وكمال شداد ليس (بدرا) والسلام نفقده في ظلماء ليالينا تلك..شداد هو (شمس) الكرة السودانية.
حرارتها ووضوحها ..ونورها الذي يهدى الى الصواب.
نفتقده الآن والموسم الرياضي في السودان يصبح اشبه بايام الحرب الستة حيث تبادل (التصريحات) اقرب لتبادل النيران الثقيلة.
الآن نفقد (كمال شداد) ويبقى اثره كبيرا ..ونحن نتلفت حولنا ولا نجد غير (محمد سيد أحمد) الذي يحسب ان تثبيت حق المريخ يتم عبر ان يتبادل الاتهامات مع اشرف الكاردينال.
والحق لا يخدم بالباطل.
والنور لا تهزمه جيوش الظلام.
سألوا محمد سيد أحمد عن القوانين واللوائح التى تم عبرها اصدار القوانين الاخير فما وجد غير الحديث عن (الاصلاحية).
هذا (تشتيت) للقضية ..عندما تغيب القوانين واللوائح يظهرون امثال محمد سيد احمد اما اسامة عطا المنان فيمنعهم (الخجل) من الظهور.
افتقدنا الدكتور كمال شداد …الذي مارس الرياضة في كل مواعينها …لذلك احترم الكرة واحترمته ، اعطته واعطاها…خبرها وخبرته وكان فيها بمقام السلطان الذي لا يظلم عنده احد.
كمال شداد كل الاشكال الرياضية والضروب في كرة القدم مارسها فهو مشجعا للهلال ..وقد كان يلاحق الهلال لمشاهدة صديق منزول في تمارين الهلال وهو صغير.
وكان يقول : (الهلال ما بتخلى) مع ذلك يبقى حياده وعدله وانصافه للجميع.
وشداد كان لاعب كرة .. لعب في احد اندية ام درمان ومنعته الاصابة من المواصلة ليتجه الى التدريب وهو طالب بجامعة الخرطوم.
ليخلط الفلسفة بالكرة فيعطينا ذلك الشراب المختلف.
درب التحرير وابوعنجة ووصل في السلك الفني هذا الى ان اصبح المدير الفني للهلال الذي وصل معه لنهائيات كاس الاندية الافريقية سنة 1987.
هذا هو كمال شداد مارس لعبة (كرة القدم) لاعبا ومدربا وعرف فنياتها ومهارتها وخططها الفنية فتميز في كل ضروبها.
ثم اتجه بعد ذلك الى ان يصبح ناقدا رياضيا ..وقد بلغ في ذلك مكانة عالية اذ اصبح رئيس تحرير لكبريات الصحف السياسية.
وعمل الدكتور كمال شداد في الجانب الاداري وتتدرج في المناصب الادارية الى ان اصبح رئيسا للاتحاد العام لكرة القدم اكثر من مرة.
ومارس من بعد العمل الاداري والفني (محاضرا) في الاتحاد الافريقي والاتحاد الدولي لكرة القدم.
كل هذه المناصب والاماكن المرموقة التى بلغها لم تجعله يدخل البرلمان (عضوا) رغم ان الحزب الحاكم غازله ليكون في مؤتمر الشوري للحزب الحاكم لكن ذلك لم يجعله يخلط السياسة بالرياضة ولا السلطة بالعمل العام الذي خرج له.
كمال شداد يتحدث اكثر من لغة ..ويحاضر باكثر من لسان …مع ذلك لم ينشأ وكالة للسفر ..ولم يكن له من المنصب العام غير (شريحة) لشركة زين منحت له ..سلمها كمال شداد بعد انتهاء فترته مباشرة.
هذا هو كمال شداد …تلفونه كان مفتوح يرد على مكالمات صغار الصحفيين والمشجعين والاداريين ..في كل الاوقات وعندما يعز عليه ذلك من رهق العمل المستمر ترد عليك زوجته.
من يفعل ذلك الآن او في مدينتكم الفاضلة؟…او حتى في برامج حملاتكم الانتخابية.
ولا عجب في ذلك ..الدكتور كمال شداد ..(بيته) مفتوح يدخله كل الرياضيين حتى انه اقرب لمطعم الرياضيين او فندقهم الاوحد…او سبيلهم الذي لا يسألون فيه ولا يحاسبون.
حتى (الجرس) غير موجود في باب بيته – تدخل بيته (توش) ..وان كان لا احد فيه ..حيث الباب المفتوح (24) ساعة في وقت كان خدمة الصيدليات تتوقف ..وابواب اقسام الحوادث تقفل للظروف التى تمر بها البلاد وقتها.
كمال شداد لم تمنعه نجوميته ولا اسمه الكبير ..لا السن ولا مشغولياته العديدة في ان يتواجد في كل مناسبات الوسط الرياضي.
حتى اعضاء الاتحاد العام وقتها كان يجيبون المناسبات (جبرا) من الدكتور كمال شداد – الذي علمهم التواصل قبل ان يعلمهم الادارة والكرة.
في كل تحركاته كان يقدم القانون ..يجبرك على احترام القانون ..اذ لا كبير عليه.
منه تعلمنا ذلك ومازالنا ندرس علومه.
يمثل النموذج النادر في ذلك فقد كان يرحب بالخسارة ان كانت عبر القانون ..لذلك اعطى الدروس للجميع بما في ذلك السلطة ان يلتزموا بالقانون.
دخل في صراعات قانونية مع السلطة والهلال والمريخ في كل مرة كان يقدم (الدرس) ليس عندما ينتصر فقط ..بل عندما يخسر ايضا.
السلطة اغرته وحاولت عبره ان تمرر قراراتها ..لكنه كان (الحائط) والمانع لكل (جرثومات) السياسة والسلطة ان تدخل الوسط الرياضي.
ابقى على الوسط الرياضى كله وليس الاتحاد العام معافىً وغنيا ومحتفيا باهلية الحركة الرياضية وديمقراطيتها – لم تكن هذه الكلمة شعارا عند شداد بل كانت واقعا مطبقا.
ناطحه صلاح ادريس وهو في قمته بالجاه والمال ..فما عرف اليه سبيلا ..وفشل جمال الوالي بماله وسلطته من التأثير عليه.
لم يتأثر بالاعلام ..كان يشتم في الصحف والمنابر الاعلامية ويقابل ذلك بسخريته المعهودة غير آبه لما تكتبه الصحف.
وكانت الجماهير بحكم العاطفة تهتف ضده وتسير لبيته المسيرات والقوافل الجماهيريه فيقابلها محاورا دون ان يجعل ضغوط تلك الجماهير تبدل قرارا او تنحرف بنا من اللوائح والقوانين.
هذا كمال شداد ..اوضح معالمنا الرياضية واكثر من يجب الاحتفاء به والافتخار في العمل العام.
العواطف الهلالية تتلاقى عند زعيم امة الهلال عندما يكون الحديث عن الطيب عبداللـه.
وتتلاقى العواطف عند اهل المريخ عندما يكون الحديث عن ابوالعائلة او جمال الوالي.
وتتلاقى في المعسكر الازرق عواطف الناس عند صديق منزول او جكسا او والي الدين.
وكذا الحال في المريخ اذ تلتقى عند كمال عبدالوهاب وحامد بريمة واسامة سكسك.
كمال شداد وهو في العمل العام ..وعبر منصب عام دخل عبره في صراعات كبيرة مع الهلال والمريخ استطاع ان يفرض وجوده وان يكون بكل ذلك الالق والاتفاق.
اذ لا اتفاق في السودان – اكثر من الاتفاف على كمال شداد.
يختلف الناس هنا في المهدي والميرغني والترابي.
يختلفوا في وردي وعثمان حسين ومصطفي سيد احمد.
يختلفوا في النيل ابيضه وازرقه.
لكنهم يتفقون جميعا حول كمال شداد.
هذا شداد – احدثكم عنه طربا.
كان يدخل مباني الاتحاد العام بعربته المارسديس التى مازال يحتفظ بها (هو يحتفظ بكل مواقفه كما هي) بما ذلك سيارته وموقفها.
يدخل شداد لمكاتب الاتحاد العام في الصباح الباكر ثم يغادر عندما تبدأ خيوط الظلام تنسج ظلمتها.
طوال هذه المدة او الفترة في مكاتب الاتحاد العام كان يرفض ان يتناول (وجبة) على حساب خزينة الاتحاد العام…حتى اصبح لا يأكل نهارا ..لانه وهب نفسه للعمل العام خالى من (الوجبات).
بل كان يرفض حتى (الكولا) والمياه الصحية – والكولا وقتها كانت ترعي الاتحاد العام وتقدم منتجاتها للاتحاد.
كمال شداد كانت تعود (قارورته) كما هي ..لتبقى عهدة في خزائن الاتحاد.
هذه عفة لا نجدها إلّا عند كمال شداد ..الذي حوّل خلفه (الاتحاد العام) الى مكاتب خاصة يديرون فيها نشاطهم (التجاري والسياسي) تحت غطاء (رياضي).
كمال شداد الذي قاتل من اجل اهلية الحركة الرياضية هو ايضا الذي قامت ونشأت اكاديمية كرة القدم في الخرطوم 2 بجهوده وعلاقاته واتصالاته وعرقه.
وقد وقف على ذلك حتى اكتمل البناء ليسلمه لمعتصم ومجدي واسامة.
لكنهم للاسف الشديد بدلا من ادارة النشاط الرياضي ..اداروا في (الاكاديمية) نشاطهم التجاري.
كمال شداد ..قاتل حتى ثبّت للاتحاد العام قطعة الارض التى كانت تشكل امتدادا لمباني الاتحاد غربا وشرقا في مكاتب الاتحاد القديمة ..قاتل حتى اخرج شهادة بحث تؤكد ملكية الاتحاد للاراضي الموجودة في شارع البلدية.
بل رفض كمال شداد الرحيل الى المكاتب الفاخرة في الخرطوم 2 حافظا على تلك المباني والارض حتى استلم اوراق الاراضي والمباني…بينما رحل معتصم ومجدي واسامة عندما كانوا ضباط مجلسه.
رجل بهذا الطهر والعفة والعبقرية والامانة ..كان من الطبيعي عندما يحدث تآمر عليه ان نصل الى هذا الدرك الاسفل.
يحق علينا كما ندرس ادب الطيب صالح وكما (نشهق) في اغنيات وردي والحانه ونطرب ..ومثلما نتوقف عند اشعار صلاح أحمد ابراهيم ..علينا ان نقف عند مواقف شداد وادارته – عفته وامانته ..يجب ان ندرس هذا السلوك وان نقرره في ادبنا الرياضي.
نحن لا نعرف ان نقدر عبقرياتنا ..ولا نمحهم ما يستحقون ..وقد ظلمنا شداد ..واحل لنا ذلك ان ظلمه تلاميذه واقرب الناس اليه.
هذا جزاء الغدر بكمال شداد وعدم الوفاء له.
………
ملحوظة : ولشداد اسرار اخرى سوف نكتب فيها.
هوامش
كمال شداد جدير بالتكريم والاحتفاء ..لا اريد ان اخص به الهلال وحده ..الوسط الرياضي كله يجب ان يكرمه.
عندما جاء كمال شداد معزيا في فقد الزميل الراحل داؤود مصطفى ..كان شداد يقدم درسا اخر.
ليتهم تعلموا منه فقط هذا التواصل ..نعرف ان العفة والطهر والامانة صعب ان يتعلموها منه.
السلطة ابعدت كمال شداد وآتت بالاتحاد الحالى لنصل الى هذا الخطر.
…………
عاجل : ولا شيء يقال ..غير ان نفرض الحسرة عليكم.