الرشيد بلة .. حكاية ترزي تتلمذ على يد الفنان عثمان حسين

برع عملاق الأغنية السودانية، الفنان عثمان حسين، في تفصيل الألحان الجميلة على مقاس أغنياته المدهشة، فقد برع قبل ذلك في تفصيل وحياكة الأزياء عندما بدأ حياته العملية ترزياً، فخلال تجوالنا بمدينة (مايرنو) حاضرة محلية سنار، التقينا بالترزي الشهير الرشيد بلة الذي قادتنا إليه الصدفة لنكتشف انه تتلمذ في مهنة الحياكة على يد الفنان الكبير عثمان حسين، فغصنا معه في الحديث ليروي قصته مع المهنة العتيقة وذكرياته مع الهرم الابداعي، في البدء قال الرشيد: قبل أن أرى عثمان حسين كان فناني المفضل، كما كنت أتمنى رؤيته للتحقق تلك الأمنية في العام 1964م عندما بعثني أخوه طه حسين الذي يملك مطبعة في السجانة لمنزلهم لأتناول له وجبة الإفطار، فطرقت الباب ليفتح عثمان حسين الباب ، فاندهشت حتى تعقد لساني، وقلت في سري (ها هو الفنان الذي تمنيت رؤيته) فصمت برهة ليقول لي (مرحب حبابك أتفضل) فقلت له (رسلني طه عشان أجيب الفطور) فذهب للداخل ليحضر بعد قليل وجبة الإفطار لا دخل في الطريق في حالة من الفرح الهستيري والنشوة برؤيته، ثم تواصلت بعد ذلك اللقاءات في منزلهم .. علاقات ممتدة، ويواصل الرشيد في ذكرياته بالقول: كنت مسؤولاً عن المحافظة على الآلات الموسيقية وتنظيمها في فرقة جاز الديوم التي أسسها عمر عبده، فكنا نخرج مع عثمان حسين لحفلاته وفي بعض الأحيان يكون لديه فاصل في نفس الحفل ان لم يكن الفنان الأساسي، وهذا الفاصل في الغالب هدية منه لأهل الحفل، فهو مشهور بعلاقاته الاجتماعية الممتدة، وأضاف كثيراً ما كنا نذهب اليه في البيت لحضور البروفات، وهنا أشار الرشيد إلى أن الفنان عثمان حسين كان يتعامل معهم بكل طيبة وحسن نية، مضيفاً أن هذا العملاق كان قدوة للجميع في الأخلاق وحسن التعامل ومنه تعلمنا أصول مهنة (الترزية) وبعد أن أسست محلي الخاص، كنت أطلب مشاورته في كل ما يستعصي علي، فكان يعطيني كل معلومة أطلبها في المهنة بكل طيب خاطر ويشرحها لي عملياً ونظرياً، وأضاف بتأثر على تقاطيع وجهه (كان لا يقول كما يقول البعض هذا سر المهنة) فقد كان ماهراً في الحياكة، وكان يتعامل مع الكل بإنسانية وكان يحبك ملابس من يأتيه من الفقراء مجاناً، وأضاف أن أبا عفان كان فناناً مثقفاً ويجامل كل الناس ورجل بشوش وصباح خير (كان زول تمام)، وفي الختام ترحم على روح الفنان عثمان حسين ودعا له بمجاورة الرسول في الجنة.

صحيفة التغيير