جعفر عباس

لا تنامي تفاديا لعبد الباري


قضت محكمة جنايات القاهرة بسجن عبدالباري عطية 25 سنة، بعد إدانته بقتل زوجته، وكان عبدالباري يشكو مر الشكوى من أن زوجته كثيرة النوم، فهو موظف، وكثيراً ما عاد من العمل ليجدها في سابع نومة، ولم تكن من النوع الذي يستيقظ مبكراً نوعاً ما، ثم يعود إلى النوم، بل كان نوم الليل عندها يتواصل لنحو 14 ساعة، تنام مثلا في السابعة مساء وتصحو في التاسعة من صباح اليوم التالي، وكانت تصحو ثم تنام عصراً لنحو ثلاث ساعات، ثم تصحو وتجلس أمام التلفزيون وتنام أيضاً، وهي ممددة على الكنبة وعندما تحس بشد عضلي تنتقل إلى السرير، وتواصل الشخير.
وذات يوم عاد عبدالباري من عمله وأيقظها لتعد له الطعام ولكنها رفضت متعللة بأنها (نعسانة) فما كان منه إلا أن خرج من البيت غاضباً ثم عاد في ساعة متأخرة من الليل و… طبعاً كانت نائمة، فدخل المطبخ وتناول سكيناً ثم انهال عليها طعناً حتى فارقت الحياة.
وقد يعجب بعضكم من عدم الحكم عليه بالإعدام، ولكن في تقديري فإنّ القاضي أخذ في الاعتبار أن نوم الزوجة المتواصل، والذي شهد به الجيران والأقارب، استفزه أخرجه عن (طوره) وأفقده توازنه العقلي ومن ثم كان الحكم بالسجن المؤبد، ولكن لو كان كل الرجال يتصرفون مع زوجاتهم كثيرات النوم كما تصرف عبدالباري لفاضت شوارع المدن العربية بالدماء النسائية، فقد صار من المألوف أن تستيقظ زوجة أو أم في العاشرة صباحاً أو منتصف النهار، ولا يكون نومها الطويل بالضرورة لأنّ لديها خادمة، بل إن بعض النساء المتفرغات للعمل المنزلي (ولو نظرياً) أدمنَّ الكسل، فمنهن من تنشط ليوم واحد في الأسبوع تطبخ فيه الطعام بكميات تجارية (مكلفة) وتقوم بتخزينه في الثلاجة ثم تقوم بتسخينه على دفعات وبالتالي تعتقد أنها مطالبة بأن تكون في حالة استيقاظ فقط خلال لحظات تسخين الطعام أو إعداد الشاي.
وظاهرة النوم الوبائي منتشرة في منطقة الخليج، ليس بين الخليجيات فقط بل بين نساء كل الجنسيات اللاتي جعلتهن سهولة الحياة ووفرة المطاعم والمغاسل يتخلصن من معظم أعباء البيت التقليدية، ويتلقى كثير من الأزواج مكالمات هاتفية من زوجاتهم وهم في أماكن عملهم في نحو الثانية بعد الظهر: جيب وياك الغدا! بل وقد يعود الزوج إلى بيته مرهقاً بعد يوم عمل ليجد زوجته في كامل زينتها وهي تقول له بكل رقة وحب: يللا نروح المطعم نتغدى!
لو فعلت زوجتي أمراً كهذا لتصرفت تصرفا يشابه تصرف (عبد الباري): لا أعني الذبح أو الطلاق ولكن على الأقل كلام «مثل السم»، فهناك تقسيم للعمل فلو كانت الزوجة عاملة تعود إلى البيت في الموعد نفسه الذي يعود فيه زوجها فعلى الزوج يكون (عنده دم) ويقدم لها يد المساعدة، أو على الأقل يكف عن الطنطنة والشكوى إلى أن تفرغ هي من إعداد أو تسخين وجبة الطعام، أما إذا كانت الزوجة متفرغة لشؤون البيت فإنّ واجبها الأساسي هو تولي أعباء البيت كاملة طالما هي في حالة صحية طيبة، وعليها وعلى مثيلاتها أن يعرفن أن طعم الحياة لا يعرفه سوى الأحياء والنوم حالة «شبه الموت»، لأنك لا تستطيع ان تنجز عملا أو ترفّشه عن نفسك، أو تنتبه لما يدور حولك وأنت نائم، والجسم يحتاج إلى ثمان ساعات من النوم كحد أقصى يومياً، والعمل متعة واتقانه يجعله أكثر إمتاعاً.
تخيلي سيدتي أنك تعيشين 50 سنة وتنامين يومياً 12 ساعة.. معنى هذا أنك تنامين نصف سنوات عمرك: 25 من خمسين سنة وأنت شبه غائبة عن الدنيا.

jafabbas19@gmail.com


تعليق واحد

  1. الحمد الله إنه اقتصرت علي العربيات ولم تأتي الينا هذه العادة بالقارة السمراء حيث تصحي النساء عند الفجرية دقش كوليدة