مصطفى الآغا

النتف بريش الهلال


< أتفهم جداً الحساسيات بين عشاق الأندية، وأتفهم أيضاً أمنياتهم بأن يخسر منافسوهم حتى لو كانوا يمثلون بلادهم خارجياً، وأتفهم قصص (الطقطقة) بين المشجعين، فبعضهم يراها ملح كرة القدم وبعضهم يراها عنصر تشويق وإثارة أساسياً، وأتفهم أيضاً التعصب المقبول الذي لا يرتقي لدرجة التعصب المقيت والمَرَضي (بفتح الميم والراء)؛ لأن التعصب يهدد أحياناً الوحدة الوطنية للدول، ويمكن أن تترتب عليه آثار مميتة كما حدث في أوروبا في مأساة هيسيل، وكما حدث في بورسعيد وإستاد الدفاع الجوي، وكما يحدث في الكثير من ملاعبنا العربية، ولكنني لا يمكن أن أتفهم قذف الآخرين وشتمهم وتوزيع شتى الصفات والنعوت عليهم؛ لأنهم قالوا وجهة نظرهم التي لم تمس ناديهم لا من قريب ولا من بعيد. نعم، من حقك أن تعشق وتحب وتشجع ناديك، ولكن ليس من حقك أن تكره الآخرين وتشتمهم لمجرد أنهم قالوا شيئاً حسناً أو مواساة للفريق الذي تكرهه وتشمت به وبخروجه كما حدث مع الهلال الذي قدم واحدة من المباريات الكبيرة في شوطها الثاني أمام شقيقه الأهلي الإماراتي وكانت دقيقة ونصف الدقيقة فقط تفصله عن التأهل للمرة الثانية على التوالي لنهائي دوري أبطال آسيا. بعضهم كان يريد من الجميع أن ينتفوا بريش الهلال، وعندما غردت عبر حسابي في «تويتر» تغريدات عدة قلت في بعضها: «كبير في خسارته وخروجه، كما هو كبير في بطولاته، لهذا أطلقوا عليه لقب (الزعيم)، فالزعامة هيبة حتى في السقوط أو النهوض». وقلت في تغريدة أخرى: «نرفع القبعة للأهلي الذي وصل إلى نهائي دوري أبطال آسيا، وللهلال الذي خرج في الوقت بدل الضائع وعاد من تأخر بهدفين، لننظر دائماً للأمور بإيجابية». وقلت أيضاً: «من لا يعترف بالخسارة لا يستحق أن يتابع كرة القدم، استقبلوا الهلال استقبال الأبطال، فهم قدموا جلّ ما عندهم وخسروا البطاقة في الوقت الضائع». ويبدو أن الكلام لم يُعجب كارهي الهلال فقد كان المطلوب (الطقطقة عليه) ونتف ريشه، وهو الذي وصل للنصف نهائي من بين 32 نادياً وخسر من فريق كبير وفي الوقت بدل الضائع فما هو المطلوب أكثر من ذلك؟ لماذا نهاجم الآخرين ونصفهم بالمطبِّلين؛ لأنهم أنصفوا نادياً لا نحبه ولا نشجعه ومتى نرتقي بالفكر وبالتعليقات التي لا تنم إلا عن قصر نظر وقلة أدب وقلة احترام للآخرين وتجعل من الوسط الرياضي وسطاً بغيضاً بدل أن يكون الوسط الذي يكون نموذجاً للآخرين (بروحه الرياضية)؟