مقالات متنوعة

محمد لطيف : إصلاح في عهد نهار.. أم كنس آثار إشراقة؟!


من خطب مطولة عن مشروعات إصلاح الخدمة المدنية نشرت الزميلة (المستقلة) نقلا عن وكالة إخبارية ما قاله السيد وزير العمل الدكتور أحمد بابكر نهار عن بدء هذه المشروعات الإصلاحية بإنهاء عقد إيجار مقر الوزارة الحالي بما يوفر نصف المليار جنيه شهريا.. ونخشى أن نقول إن أول الآية كفر.. ولولا حسن ظن بالوزير لخضنا في التأويل.. ولكنا نكتفي هنا بإيراد حقائق أساسية.. محسنين الظن بأن السيد الوزير ووزير دولته الذي ذهب في ذات اتجاه الإصلاح الذي نتفق معهما فيه.. لم يطلعا عليها بعد.. بحكم قصر مدتهما في تلك الوزارة..!
فالمعلومات المتوفرة والمتاحة بالمستندات تؤكد أن المقر الذي تشغله وزارة العمل حاليا.. وهو المبني الشهير ببرج شركة النيل الكبرى لعمليات البترول.. بشارع الجمهورية.. ليس خاصا بوزارة العمل وحدها.. بل إن المبنى والذي يبلغ إيجاره الشهري بالفعل نصف المليون جنيه.. وإن شئت التهويل قل نصف المليار جنيه بالقديم.. يضم بجانب وزارة العمل.. وزارة التنمية البشرية.. وديوان المظالم التابع لرئاسة الجمهورية.. ثم مجلسين متخصصين يتبعان لمجلس الوزراء.. ثم مكاتب خاصة بوزارة الاستثمار.. أي حوالي خمس وحدات حكومية أخرى بجانب وزارة العمل.. كل منها تمثل شخصية اعتبارية قائمة بذاتها وميزانية مستقلة تأتيها من الدولة وخاتما خاصا.. أي أنه لا ولاية لوزارة العمل على أي من تلك المؤسسات.. كما أن المعلومات تقول إن التعاقد على هذا المبنى وبهذا المبلغ تم في عهد الوزير علي محمود وزير المالية الذي اشترط أن يضم المبنى الذي كانت قد ابتدرت التفاوض فيه وزارة العمل الوحدات الحكومية المذكورة.. وأن الاتفاق القائم يومها بين وزيرة العمل آنذاك إشراقة سيد محمود ووزير المالية.. أن كل الوحدات الحكومية المذكورة ستتحمل حصتها في الإيجار.. وليس وزارة العمل وحدها.. إذن كيف نقول إن مغادرة الوزارة لهذا المقر توفر نصف المليار جنيه؟.. ثمة من يقول إن ثمة خطأ ترتكبه وزارة المالية يترتب عليه خصم كامل المبلغ من وزارة العمل.. وهذا.. إن صح.. فهو محض خطأ إداري تتحمل مسؤوليته وزارة العمل نفسها.. إن كان في عهد إشراقة أو عهد نهار.. لأنها لم تقم بالمتابعة اللازمة لحفظ حقوقها..!
والذي نعلمه كذلك ونسعى للاستيثاق منه.. أن وزارة العمل التي كان يتوزع دمها بين شوارع الخرطوم.. كانت تستأجر مكاتب في برج الاتصالات.. أغلى عقار في الخرطوم.. بما يفوق المائة ألف جنيه.. ثم برج اسمه الفردوس في قلب السوق العربي بمبلغ يقارب الذي سبقه.. ثم بنايات أخرى في الخرطوم والخرطوم بحري.. يقول محدثي المنسوب لوزارة العمل إن أشجع خطوة شهدتها وزارة العمل كانت تلك التي اتخذتها الوزيرة إشراقة بنقل مقر الوزارة إلى مكانه الحالي.. حيث حقق ذلك قدرا كبيرا من الاستقرار وجعل كل الإدارات والأقسام تحت الرقابة المباشرة لأول مرة.. مما انعكس على الانضباط داخل الوزارة.. وبجانب مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه كانت توفيرا مباشرا حققه ذلك الإجراء.. فمحدثي يحكي عن البكاسي التي كانت تتجول طوال النهار بين إدارات وأقسام الوزارة المشتتة تنقل الخطابات والمنشورات والأوامر.. وكانت تتشتت معها مصالح العباد..!
إذن.. يمكن القول إن كل الإنجاز الذي تحقق من توفير للوقت والجهد والمال.. والحوسبة.. هو الآن في مهب الريح.. لأن البعض ربما.. نقول ربما.. يحن لذلك الذي مضى.. ونسأل أخيرا: هل هي حقا خطوة نحو الإصلاح.. أم خطوة لكنس آثار إشراقة مهما تضاعفت أعباء الخزانة العامة؟