عمر الشريف

الإستثمار فى الفساد


فشل السودان فى جذب المستثمرين خلال فترة الأربعين عاما الماضية رغم توفر بيئة الإستثمار وخاصه فى مجال الزراعة والصناعة والثروة الحيوانية والخدمات الأخرى حيث تتوفر بيئة إستثمارية صالحة وسمعة طيبة وإستقرار وأمن . لقد إستفادت الجارة مصر من المستثمرين فى عدة مجالات وأنشأة بنية تحتيه تعتبر الأقوى لوضعها وكذلك تونس وأثيوبيا والسودان يفوق هذه الدول فى هذا المجال .

تعاطف بعض المستثمرين من عدة دول مع السودان وحضروا ليستثمروا أموالهم مقابل دعم السودان ماديا وإقتصاديا وتوفير فرص عمل وبناء مرافق خدميه يحتاج لها الشعب لكن بعض هؤلاء المستثمرين إنصدموا بالواقع الذى قابلهم من بداية دخولهم عبر بوابة المطار حتى مقابلة المسئولين ومشاهدة المناطق الإستثماريه المقترحه لهم . لقد رجع بعضهم وتورط بعضهم . لم يكن هناك سياسة إستثماريه واضحة تعمل لمصلحة السودان ولم يكن هناك جهات مسئولة تخاف الله ثم الوطن لتقدم لهم كل مساعدة وتوفر لهم المناخ المناسب للإستثمار .

فشلت الزراعة والصناعة وإنتهت المؤسسات الخدمية وأصبحت معاناة المواطن ظاهره يوميا ولم يتحرك أحدا من المسئولين . السودان يحتاج لرؤس أموال فقط للإستفادة من الأراضى الزراعية ومقومات الصناعة والثروة الحيوانية والمرافق الخدمية التى يعانى المواطن من سوء خدماتها . إذا توفرت بيئة الإستثمار والإستقرار والصدق وتسهيل الإجراءات والإعفاءات الجمركية والضريبية والجبايات الأخرى لنجح الإستثمار وقوى الإقتصاد وإرتفع دخل الفرد وزاد الإحتياطى النقدى ونشطت حركة التجارة وتحسنت الخدمات .

السودان ولله الحمد ليس بلدا فقيرا ، تتوفر فيه الخبرات والكفاءات التى لها وزنها ومكانتها ويتميز بمناخ إستثمارى جيد وأيدى عاملة مهره وموقع إستراتيجى ومساحات واسعة فقط ينقصه محاربة الفساد وتسهيل الإجراءات . فى الفترة الأخيرة كثر الحديث عن الفساد الذى طال كل مرفق ومؤسسة ووزارة وأظهرت التقارير (الغير مؤكدة ) مبالغ خيالية تم صرفها فى غير المخصص لها وبعضها تم إختلاسها وإذا تأكد ذلك يكون المخفى أكبر منه بعشرات المرات وتلك المبالغ إذا تم إستثمارها داخل السودان وفى مشاريع تعم فائدتها الجميع لكرم القائمين عليها لان فائدتها عمت الوطن والمواطن لكن للإسف فائدتها كانت شخصية وبعضها خارج الوطن .

إذا ألقينا نظرة سريعة على تلك الأرقام التى تم نشرها نجدها بليارات من الجنيهات تكفى أن تجعل السودان من الدول الغنية والمتطورة وأظهرت تلك التقارير الأرقام التالية : ( ملاحظة : المراجع المذكورة هى فقط مختاره من بين عدة مراجع) .

– تقرير المراجع العام للفترة من 1995 – 2009م تقدر بحوالى 30 مليار دولار ( سودان تربيون 15/1/2014) يتلخص فى إختلاس ، فرق قيمة البترول المصدرة والقيمة الظاهرة فى الميزانيات وعائدات استهلاك المحلى من البترول غير مضمنه فى الميزانيات ، عائدات الذهب ، عائدات خصخصه وعائدات مزادات حكومية مختفيه .

– قضية الأوقاف تقدر ب 6 مليون دولار من رواتب وبدلات وإختلاس علما بأن وزارة المالية سددت مبلغ 1.5 مليون جنية متأخرات إجارات حسب تصريح وزير الارشاد والاوقاف امام البرلمان فى مايو 2012م .

– قضية الأقطان تقدر بمبلغ 120 مليون يورو ( عناوين الصحف السودانية فى هذه القضية 1/11/2011)

– قضية طريق الانقاذ الغربى تقدر ب 40 مليار جنية ( صحيفة الايام فى 16/11/2001 ) وحديث السيد الرئيس فى فى هذا الخصوص فى جريدة الصحافة (13/07/2002) .

– قضية خط هيثرو تقدر ب 30 مليون دولار ( 17/07/2014) ( كسرة الكاتب الكبير الفاتح جبرا الثابته) .

– قضية شركة عارف الكويتية تقدر بحوالى 50 مليون دولار عائدات التشغيل بالإضافة الى 4 مليون درهم ديون. ( صحيفة المشهد الآن 13/03/2013 والصيحة 20/09/2015م) .

– قضية أراضى مكتب الوالى بالخرطوم تقدر ب 17 مليون جنية .( جريدة الرياض السعودية عدد 16744 فى 28/04/2014)م م

– قضية مدير مكتب مدير الجمارك تقدر 85 مليار جنية . ( أكثر المواقع والصحف اليومية خلال هذه الايام )

هذا بالإضافة الى الخدمات التى تدفع بواسطة أورنيك 15 المالى ولم يتم توريدها لخزينة الدولة والمخططات السكنية والمخصصات والنفقات للمسئولين والمشاريع التى فشلت قبل إكتمالها وتعدين الذهب وإنتاج البترول وصناعة السكر وإنتاج الدقيق وإستيراد الباصات الهالكة وإنشاء الطرق والكبارى والكثير الكثير الذى لم يعلن بعد.

تخيلوا حجم هذه المبالغ وما خفى منها أعظم و أكثر ، كيف كانت تجعل من السودان وكيف كانت تدعم الاقتصاد وكم ترفع من الخدمات الصحية والتعليمية والمعيشية وكم توفر فرص وظيفية . لهذا ندعوا كل من له منصب يؤهله لذلك أن يستثمر داخل بلده وفى مشاريع تخدم الجميع وسوف يصدروا له فتوى فقه التحلل ويكرم حتى من قبل الشعب . هذا هو الاستثمار الناجح فى السودان وفى ظل المشروع الحضارى الاسلامى .