حوارات ولقاءات

كاتم أسرار الرئيس الأسبق نميري : كان النميري يتقاضى راتباً قدره 229 جنيهاً في الشهر ويقود عربته بنفسه و(يصلح) تلفزيونه وزوجته (تعوس الكسرة) هجعة الليل إكراماً للضيوف


مشير حمد سراج عميد معاش عمل مع الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري رحمه الله وكان سكرتيراً خاصاً له.. عاصر قيام ثورة مايو وكلف بالعديد من المهام العسكرية التي برع في تأديتها وعمل بالعديد من دول العالم، كتب كتابه الذي حوى العديد من الشواهد والتوثيقات عن دولة السودان, ولد بحي الوابورات بحري، حيث كان يضم والده بحكم عمله موظفاً في ذلك الحي.. إلتقيناه وقدمنا إليه استفساراتنا فجادت ذاكرته بالكثير المثير.. تابعوا معنا نص الحوار:

*البعض من الكل يعرفك ولكن من أنت؟
-أنا محمد المنير حمد محمد سراج عميد معاش، التحقت بالكلية الحربية عام 1957م ونلت بكالوريوس القانون في عام 1970م بجامعة القاهرة فرع الخرطوم ونلت العديد من الدورات التدريبية في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وبمكتب الرئيس جمال عبد الناصر برئاسة السيد سامي شرف، كما نلت العديد من الوظائف القيادية بالخارج والداخل بالولايات المتحدة بمدرسة الإشارة بولاية نيوجرسي ومعلم بمدرسة المشاة بجبيت وملحق عسكري ببلغراد وقيادة سلاح الأسلحة والذخيرة وسلاح الإشارة.. أما فيما يخص التعليم العسكري فقد عملت قائد فصائل بمدرسة المشاة بجبيت وقائد سرايا بمدرسة المشاة بجبيت وقائد كتائب الأسلحة بالمملكة المتحدة وقائد إشارات الوحدات بسلاح الإشارة ونلت دورة سلاح الإشارة بمدرسة الإشارة بالخرطوم بحري، أما في مجال الخدمة المدنية فقد مثلت السودان في العديد من الشركات العالمية بالسعودية مع الدكتور محمد عمر جمجوم والشيخ صالح الكامل ومحمود حسونة ومع الشركات الغربية طائرات الفوكرز الهوندلية كلوز قاطرات هتشل الألمانية والعديد من شركات الطيران.

الكلية الحربية وسلاح الإشارة
*هل جاء دخولك للكلية الحربية عن رغبتك أم رغبة والديك؟
-أبدًا لم تكن رغبتي الإلتحاق بالكلية الحربية أبداً ولكن كان لي صديق يدعى عبد العزيز فرح قدم أوراقي وأوراقه للكلية فتم قبولي ولم يتم قبوله، فدخلت ونلت تدريبي وتخرجت في عام 1959م وتم تعييني في السنة الأولى بالقضارف، حيث كنا مجموعة من الطلبة الحربيين الكبار تعرفنا على كل أهالي القضارف وبذلنا مجهوداً كبيراً في القضارف حيث أقمت فيها لعام كامل ومن ثم تم نقلي إلى سلاح الإشارة ونقلت أيضاً في عام 1965م إلى ولاية القضارف حيث كان نميري رحمه الله قادماً من أمريكا للعمل في مدينة القضارف فعشنا مع بعض وكان معنا محمد الريح وكان قائد القيادة اللواء محجوب طه، عشنا معاً أجمل أيام العمر، كنا في أحد الأيام نلعب التنس فالقائد أصيب باسترك نقل على إثره للخرطوم وأصبح القائد جعفر نميري، فعملنا شغل جميل في القضارف بعدها نقلت معه إلى مدارس المشاة حيث كان نميري هناك ومعه مجموعة من الضباط المميزين جداً، ففي هذه الفترة عرفنا الكثير من الضباط وعملنا وتعلمنا، أما في جبيت فقد ذهبت إلى لندن كورس يتبع لسلاح المشاة وأنا ملازم أول، ثم ذهبت إلى الولايات المتحدة مدرسة سلاح الإشارة ومن ثم مدرسة المشاة ثم القيادة العامة ومن هناك جاءت ثورة مايو.
* صف لنا كيف جاءت ثورة مايو وعلى أي شيء كان يستند خطاب الرئيس جعفر نميري؟
-حينها كنت في جبيت وكان نميري متحركاً وفي أي محاولة إنقلابية كان إسمه ظاهراً مع خالد الكد، حيث تم القاء القبض عليهما في أكتوبر بعد ذلك أنا قررت أن لا أعمل بالسياسة أبداً وأخبرت نميري بذلك، ففي يوم 24 مايو كنت مع نميري ومعي أولادي وأخبرني بأن أكون معهم في الحركة فرفضت وقلت له إنني لا أخلط العمل العسكري بالسياسة وسأكون ضابطاً فقط إلى أن أترك الخدمة.
* لماذا جاء رفضك للدخول في الحركة وهل قبل نميري بذلك؟
-ذلك للآتي: دائماً كان يتحدث معي اللواء أحمد عبد الوهاب بعد المعاش في بورتسودان فيذكر لي أن مشكلة السودان تكمن في خلط الجيش مع السياسة، فقد درسنا في مدرسة المشاة وكنا الدفعة الأول التي تمت ترقيتها على براءة الحاكم العام وكان رجلاً قوياً في رأيه.. فعندما كنا ندرس في الكلية الحربية وعندما كان يأتي مارًا بحصانه أي شخص منتمي للقوات النظامية كان يحاول أن لا يخطئ أمامه لصعوبته وإنضباطه.. تدربنا مع اللواء الباقر حمد النيل ضيف الله وآخرون فكان قراري أن لا أخلط بين الجيش والسياسة، فلكلٍ واجبه المقدس.
كانت هنالك إجتماعات متكررة لبعض الضباط ولكن كنت حذراً ولم أشارك فيها أبداً، ففي صباح 25 مايو ذهبت للقيادة فأديت التحية فأخبروني بأن أخبر الرشيد نور الدين حيث كان مقيماً بالكويت فهو صديق لنميري وكان يريد منه الرجوع للعمل معهم في السودان وفعلاً فعلت ما أراد وجاء الرشيد وحينها أخبرني فاروق حمدنا الله بأنه قام بإختيار الرشيد لأنه شخص له موقف ظاهر وكان نميري يبحث عن سكرتير حيث كان حينها أورتشي موجود وحسن أبو العائلة ففي ذلك الوقت طلب نميري من الضباط الموجودين بأن يرشح كل منهم سكرتيراً له من الضباط، فكان كل التوقعات تشير إلى شخصي فقد كان هؤلاء الضباط يعرفون جيداً أنني رجل فاعل ومثال للإنضباط في العمل، فقد كنت معلماً لهم وهم زين العابدين عبد القادر وأبو القاسم محمد إبراهيم فتم إخباري وطلعت برقية من شئون الضباط بنقلي للقصر الجمهوري، حينها ذهبت للقصر الجمهوري وبدأت عملي فيه حيث كنت أتقاضى راتباً قدره 150 جنيهاً وهو نفس مرتب رائد القوات المسلحة، قابلت في القصر الجمهوري بابكر النور وأبو القاسم هاشم فأوضحا لي مهامي العملية، فقد كانت العلاقة بين كل أعضاء مجلس الثورة منسجمة جداً.
*منذ توليك مهام السكرتارية بالقصر الجمهوري ما هو أول عمل قمت به؟
-أول ما قمت به هو أنني رشحت كل الناس المشهود لهم بالكفاءة إبان ثورة أكتوبر لينضموا لسلك العمل في ثورة مايو ومن بينهم كمال المغربي فقد كان طبيباً شاطراً وبدأ معي مصطفى عبادي وكان يعمل مساعداً لي، كنا نعمل على تحضير المواضيع الخاصة بالجلسات وكنت أطلب من أي عضو أن يوضح ما يريد قوله حتى نترجمه كتابة وأنا ما بكون موجود معهم بحكم أنني لست سكرتيراً خاصاً بهم، فقد كان يقوم بهذه المهمة مأمون عوض أبوزيد ومن ثم يأتيني بما قالوا حتى نستطيع تدوينه بصورة طيبة وكانت البداية ممتازة.
*ألم يكن في تلك الفترة تيار معارض لثورة نميري وكيف إستطاع جعفر التعامل معهم؟
-نعم كان هنالك تيارين -إسلامي ويساري- وكان هناك 13 شخصاً وهؤلاء كانوا مقربين لنميري، أما مجموعة عبد الخالق فقد كانوا معارضين لا يريدون الدخول في أي عمل لا يدخل في دائرة الديمقراطية.
* قرارات نميري كيف كانت تؤخذ؟.. هل كان صعباً لا يتراجع عن قراره؟.. أم كانت قراراته تنبثق من خلال مجموعة قيادة الثورة؟
-لا أبداً لم يكن هناك قرار فردي.. إذ تجلس المجموعة المكونة من عشرة أشخاص وبعدها يتم الإتفاق على صدور قرار بعينه فالرئيس لا يمكنه فعل كل شيء لوحده.
* كم كان يتقاضى نميري مرتباً له وفي أي البنوك كان يضع حسابه؟
-نميري أول ما قدمت للسكرتارية ذهبت لبنك باركليز وفتحت له حساب خاص به، حيث كان يتقاضى راتباً قدره 229 جنيهاً سودانياً ولديه سلفية أيام كنا في جبيت 16 جنيهاً وعندما توفي خاله في طريق ودمدني كان يعطيه 20 جنيهاً لإعاشة أسرته أما أفراد مجلس الثورة كان كل فرد منهم يتقاضى 200 جنيه وعربة هنتر لقضاء عملهم وكل فرد كان يقود عربته لوحده ويرفض الإهتمام بالبروتكولات ويقوم بإصلاح دواليب سيارته لوحده إذا إحتاجت لذلك.
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
\\\\\\\\\
هوامش
صداقات خارجية
السودان في حاجة إلى صداقة الدول والمهم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ليكون التعاون المتبادل مع الدول خاصة في النواحي الاقتصادية وتوخي الأمانة فوق المصلحة الشخصية.. فالحياة لا تحتاج إلى غش أو شطارة والله سبحانه وتعالى يرى ولا يُرى، فقد قال الشاعر المبدع اللواء الطاهر إبراهيم يعبر عن حياة السودانيين بأنهم كانوا في ماضيهم رمز للقوة تتحدى الصعاب بقواتهم النظامية وكل الهيئات والمؤسسات المختلفة وروابط أسرية وفي الأحياء التي يعيشون فيها في هذا الزمان تغير التعبير والتأثير نتيجة الحكومات المختلفة والمتعاقبة وحب النفس.

التربية الوطنية وأثرها على المواطن
لا توجد تربية وطنية هادفة خاصة الثقافات العلمية للشباب في وسط الجامعات والمعاهد المختلفة، إذ فقد السودان الكثير من أبنائه المؤهلين بخبراتهم الطويلة الممتازة منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر لعدة أسباب، فالكثير يعاني من الأمراض في الغالب من عدم توفر المياه الصالحة للشرب وتغير المناخ والمأكولات غير الصحية وهنالك قصور في الخدمات الطبية المكلفة أصبح الكل لا يهتم بعامل الزمن.

السياسي … حاورته: بثينة أبو القاسم


‫2 تعليقات

  1. مازلت اتذكر تلك العبارة وهي حيث إنه قال لوكنت اعلم بأن الشعب السوداني سوف يتحمل هذا الجوع والفقر لجعلت من السودان جنة رقم محاربة البعض لنا في الخفاء
    فعلاً رقم قلة الاشياء ولكن كان كل شيء ذات جدوة وقيمة ومنها الصحة والتعليم والرياضة والفن والكثير