احلام مستغانمي

مساء اللّهفة الأولى


كنّا مساء اللّهفة الأولى، عاشقين في ضيافة المطر، رتّبت لهما المصادفة موعدًا خارج المدن العربيّة للخوف.
نسينا لليلة أن نكون على حذر، ظنًّا منّا أنّ باريس تمتهن حراسة العشّاق.
إنّ حبًّا عاش تحت رحمة القتلة، لا بدّ أن يحتمي خلف أوّل متراس متاح للبهجة، أكنّا إذًا نتمرّن رقصًا على منصّة السعادة، أثناء اعتقادنا أنّ الفرح فعل مقاومة؟ أم أنّ بعض الحزن من لوازم العشّاق؟
في مساء الولع العائد مخضّبًا بالشجن. يصبح همّك كيف تفكّك لغم الحبّ بعد عامين من الغياب، وتعطّل فتيله الموقوت، دون أن تتشظّى بوحًا.
بعنف معانقة بعد فراق، تودّ لو قلت: «أحبّك» كما لو تقول: «ما زلت مريضًا بك».
تريد أن تقول كلمات متعذّرة اللفظ، كعواطف تترفّع عن التعبير، كمرض عصيّ على التشخيص.
تودّ لو استطعت البكاء. لا لأنّك في بيته، لا لأنّكما معًا، لا لأنّها أخيرًا جاءت، لا لأنّك تعيس ولا لكونك سعيدًا، بل لجماليّة البكاء أمام شيء فاتن لن يتكرّر كمصادفة.
[عابر سرير]