حوارات ولقاءات

أمبروس رينق رئيس مجلس أعيان الدينكا: تدخل الولايات المتحدة الأمريكية جعل مشار يرى نفسه رئيساً للبلاد


يعتبر مجلس أعيان الدينكا بدولة الجنوب الممثل الرئيس لمجموعة الدينكا العرقية والدينمو المحرك لحكومة الرئيس سلفاكير ميارديت كون أن حكومته لا يمنها اتخاذ قرار دون الرجوع إلى المجلس ويمر القرار بعد مباركتهم له بالرغم من أن قبيلة الدينكا تقول إن المجلس تكون من أجل حماية الدينكا من الاستهداف الخارجي والداخلي إضافة إلى بناء علاقات متوازنة بين المجموعات العرقية الأخرى، إلا أن المجلس ومع اندلاع الحرب بدولة جنوب السودان بدأ بالتدخل في شؤون الدولة لدرجة الحكومة الشرعية لدولة الجنوب. ولإجلاء بعض الغموض للدور الخفي للمجلس في سياسة الحكومة ننقل حوارا أجرته الزميلة الموقف مع رئيس المجلس أمبروس رينق تناول الوضع السياسي الراهن وناقش جملة من القضايا محل الخلاف في الدولة الوليد.

ـ ماهو تقييمك للوضع السياسي الراهن؟

جنوب السودان ليس بخير، هناك مشاكل وحروب وأزمة اقتصادية بالإضافة إلى التدخل الأجنبي في السياسات الداخلية للبلاد، المجتمع الدولي يريد أن يقوم بتأسيس الدولة بطريقة أخرى وهذا ما نعتقد أنه ضد سيادة الدولة وإرادة الشعب. وبرغم من كل تلك المشاكل لابد من أن يكون هنالك سلام والتدخل الأجنبي هو الذي أدى إلى إعاقة مسيرة السلام، هؤلاء يشجعون المتمردين ومجموعة العشرة من عدم التدخل في حوار جاد مع الحكومة، الحكومة قبل اليوم وقعت على اتفاق مع ريك مشار عام 2002، وفي تلك الفترة كان ريك مشار ليس لديه سند أجنبي مما جعل الاتفاق مرناً، لكن الآن ريك مشار خلق لنفسه وضعا آخر بعد التدخل الدولي الذي تقوم به الولايات المتحدة، وأصبح يرى نفسه رئيساً للبلاد، لذلك صعب جداً أن تواصل الأطراف في اتفاق السلام لأن الوثيقة ليست في صالح البلاد، لكننا من أجل السلام سنقوم بتنفيذها رغم المعوقات التي يمكن أن تعترض عملية التنفيذ .

ــ هل نتوقع أن تبدأ الفترة الانتقالية في التاريخ المحدد كما ذكرت الوثيقة؟

*أعتقد أن الطرفين قد تأخرا أصلاً كما تحدثت وسائل الإعلام، وأنا أقول إنه لابد أن يكون هنالك تأخير لأنه كما تعلم أن جيش الحكومة والمتمردين جلسوا في ورشة الترتيبات الأمنية بأديس وفشلوا في الاتفاق، لذلك عملية وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية عطلت تنفيذ الاتفاق، المتمردون رحلوا إلى الولايات المتحدة حتى يجلبوا ما يريدونه من أمريكا لذلك أي تعطيل في الفترة الانتقالية سيكون بسبب المتمردين لكن نتوقع عودتهم، أما بالنسبة لمجموعة العشرة حول طلب باقان أموم اللجوء السياسي، هذا لا يهمنا، ما يهمنا هو المواصلة في تنفيذ اتفاق السلام حتى تعود التنمية والاستثمارات إلى البلاد ويرتفع الاقتصاد الوطني.

ــ قرار مجلس تحرير الحركة بحل الأمانة العامة هل يعتبر خطوة نحو إقصاء الأمين العام السابق مرة أخرى؟

نعم، نحن نرى أن ما قامت به مجموعة العشرة يعتبر خيانة للحزب، هؤلاء وقعوا على اتفاق أروشا لتوحيد الحزب وعادوا إلى مناصبهم داخل الحزب، إذاً لماذا قاموا بالتوقيع على اتفاق سلام كطرف آخر دون الرجوع إلى رئيس الحزب، لذلك من الطبيعي أن يتم حل الأمانة العامة للحركة حتى يعاد النظر في تعيين أمانة عامة جديدة حتى يتحرك الحزب .

ــ وماذا عن أروشا؟

عليك أن توجه هذا السؤال لهم، عندما وقعوا على اتفاق السلام هل كانوا لا يعلمون باتفاق أروشا؟ على كل حال أروشا موجودة إذا أتوا وقالوا إنهم يريدون العودة فلا مانع لكن يجب أن يقوموا بتأسيس حزب آخر ونعتبرهم خرجوا من الحركة .

ــ إذاً لماذا لم يعلن الحزب حتى اللحظة عن حدوث الانشقاق؟

الحركة لم تنشق اليوم الانشقاق وقع منذ زمن طويل، الأفعال التي تحدث في الساحة السياسية تؤكد ذلك وأنا لست الشخص الذي يعلن انشقاق الحركة .

ــ هنالك حديث أن مجلس أعيان الدينكا أصبح حكومة أخرى وتقوم بالتدخل في أمور الدولة كيف تفسر ذلك؟

هذا حديث كاذب ويخرج من أشخاص حاقدين لا يعلمون ما نقوم به، أريد أن أشرح لك أهداف مجلس أعيان الدينكا، كان أول اجتماع لنا عندما قام ريك مشار بالتحرك نحو أخذ السلطة، وهذا كان عقب قرار رئيس الجمهورية بإجراء التعديل الوزاري في شهر 7 -2013، وفي هذا الوقت كان المشهد يدل على أن البلاد ستعود إلى أحداث 1991 وبدأنا في توعية المجتمع أن هنالك خطرا قادماً، هذا كان الهدف الأول، أما الغرض الثاني رأينا أن هنالك محاربة للحكومة المنتخبة من الشعب وقلنا إنه لابد أن نقف مع الدستور والحكومة المنتخبة، الهدف الثالث ظهر بعد أحداث منتصف ديسمبر في 2013 بعد أن أصبحت الدول تتدخل في شأن البلاد وأن هنالك وصاية دولية ستفرض على جنوب السودان مما سيفقد البلاد سيادتها وكانت الولايات المتحدة في تلك الفترة تعمل من أجل تغيير الحكومة، لذلك نحن كمجلس قلنا يجب أن نساند سيادة الدولة، وكان القصد في تلك الفترة هو أن نجمع مجتمع الدينكا ونقوم بتوعيته حول الخطر القادم بالإضافة إلى إجراء حوارات مع المجتمعات الأخرى كمجتمع الإستوائية، وقد جلسنا معهم في يوم 5-7-2014 وكان ذلك قبل أعياد الاستقلال وكانت في تلك الفترة هنالك إشاعة أنه سيحدث تصادم بين مجتمع الإستوائية ومجتمع الدينكا وأن مجتمع الدينكا يقوم بتسليح نفسه وأن حكام الإستوائية سيواجهون الموت، هكذا كان مستوى الشائعات حتى أصبح المواطنون يخلون مدينة جوبا وياي جراء تلك الأكاذيب، فقام حاكم ولاية الإستوائية الوسطى السابق كلمنت واني كونقا قام باستدعائي وقال لي إن الأوضاع في البلاد غير جيدة، ولابد أن نتحدث مع بعض فقلت له لا مانع، وفي السادس من يوليو عقدنا اجتماعا ضم ثلاثين من كل مجتمع وخرجنا ببيان مشترك نفى تلك الشائعات، وعقب خروج البيان كان هنالك هدوء تام حتى قام نائب الرئيس جيمس واني إيقا بإجراء اتصال بي مقدماً التهنئة على البيان، فقلت له لا تشكرني عليك أن تشكر الجميع لأنه عمل مشترك جاء لصالح الوطن، وبعد البيان اتفقنا أن نواصل ذلك الحوار بعد أعياد الاستقلال، وفي الخامس من يونيو عقدنا اجتماعاً آخر لمناقشة كافة القضايا بما فيها الهجمات التي يتعرض لها كل طرف من الثاني وخرجنا أيضاً ببيان يتضمن 18 قراراً، وكان من أهمها الاتفاق على بناء جبهة داخلية ضد التمرد بجانب أشياء أخرى، وبعد أن خرجنا بالبيان المشترك جلسنا مع مجتمع النوير والشلك على شاكلة ذات العمل الذي قمنا به مع مجتمع الإستوائية وفي ذلك الوقت دعا دانيل أراب موي أطرافاً من مجتمع النوير والدينكا لعقد اجتماع مشترك في نيروبي وخرجنا ببيان لكن لسبب من الأسباب لم نتمكن من إيصال ذلك البيان إلى رئيس الجمهورية بل سلمناه لأشخاص بمكتبه وحتى الآن لا نعلم أين وصل، وهذا يكمن في أن السبب في عدم وصول كبار أعيان النوير من نيروبي. وأريد أن أقول إن محادثات السلام التي عقدت في أديس ابابا كنا قد كتبنا مواقفنا كمجلس أعيان الدينكا عن الطريقة التي تسير بها محادثات السلام، وعندما خرجت وثيقة السلام قمنا بإجراء تحليل حول الوثيقة وكتبنا ملاحظاتنا حولها ومن ثم خرجنا ببيان .

ـ ماهي خطتكم لإعادة رتق النسيج الاجتماعي الذي تفكك جراء أحداث منتصف ديسمبر؟

لا يوجد أي تفكك اجتماعي إنما ريك مشار عندما خرج من جوبا قام بتحريض مجتمع النوير على أن هنالك خلافا بينه وبين الدينكا مما أوجد سوء الفهم، وإذا رجعنا في السابق نجد أن مجتمع الدينكا والنوير خاصة في مسقط رأسي بشرق قوقريال بالإضافة إلى شمال وشرق تونج وشمال رمبيك هذه المناطق تقع في الحدود مع مناطق النوير وتعلم أن في كل منطقة حدودية توجد سرقات للأبقار، وهذا ما يحدث في تلك المناطق نحن نتعايش مع ذلك الوضع إلى يومنا هذا ولم نسمع يوماً أن مجتمع” فلان “هاجم “علان”، بالرغم من سرقات الأبقار المتكررة التي تحدث بتلك المناطق، لذلك قضية سرقة الأبقار والنهب هي قضايا تقليدية منذ زمن بعيد ليست لها علاقة بالسياسة، إنما ريك مشار هو من زج بالسياسة بين تلك المجتمعات. قبل اليوم كان هناك رؤساء يحكمون جنوب السودان غير الدينكا كجوزيف لاقو وجيمس طمبرة بالإضافة إلى عبد الله رصاص هؤلاء ليسوا من مجتمع الدينكا والنوير، وكانوا يحكمون جنوب السودان وليس شرطاً أن يكون رئيس جنوب السودان من الدينكا أو النوير، رئيس الجمهورية الفريق اول سلفاكير ميارديت هو رئيس منتخب من الشعب لم يأت بمفرده. نعم هناك قبلية في البلاد على مستوى المؤسسات الحكومية وبين المواطنين، ومجتمع الدينكا هو أكثر مجتمع مكروه بين المجتمعات الأخرى أنا أقول ذلك ومسؤول عن حديثي لكن هذا لا يهمنا، نحن نريد أن نذهب في طريق الوحدة الوطنية والدفاع عن استقلال البلاد .

ــ ما هو دور مجلس أعيان الدينكا في حل النزاعات الحدودية ونهب الأبقار؟

الحوار هو المخرج لحل هذه القضايا، وأنا على ثقة أن ذلك سيحدث وقضية سرقة الأبقار والنزاعات ستنتهي بمرور الوقت في حال أصبح الجميع في وعي سياسي، وهي ليست قضية كبرى، المهم هو تحقيق السلام لأنه عبر السلام سيتحقق الكثير .

ــ هل تعتقد أن النزاع بين المجتمعات له علاقة بالتعليم ومستوى الوعي؟

طبعاً، لا يوجد شك في ذلك، لكن أيضًا المثقفين لهم دور كذلك كالمنافسة في الوظائف إلا أن المواطن البسيط قد لا يكون له وعي سياسي.

الصيحة