أبشر الماحي الصائم

الحكومة والواتساب.. حرب طاحنة


* لا يختلف اثنان في أننا الآن نعيش عصر الإعلام الإلكتروني بكل تداعياته المرهقة، فعلى الأقل إن رواد هذه التقنيات هم من القطاعات الحية التي لها كبير الأثر في تشكيل الرأي العام، على أن أمر النشر الإلكتروني بطبيعة الحال يحتمل الصواب ويقبل الخطأ والغرض في ذات الوقت، الخير والشر، فالخيرية هنا تأتي في قيمة الشفافية، بحيث لا تستطيع بعد اليوم أي جهة أن تتدارى خلف الكواليس والصمت والحجب والتغييب.. سيما في حالة الأنظمة والحكومات، فما لم تسمح به الصحف تذهب به ركائب الإلكترونيات، فيبلغ ما بلغ الليل والنهار، لهذا دعوت دائما الحكومة لتوسع من صدر احتمالها، فكلما ضاقت حلقة النشر في الصحف في المقابل اتسعت دائرة التكهنات والهواجس والظنون في هذه الوسائط
* وثمة ملاحظة مهمة، على أن النخب المعارضة غير المنظمة وغير المنتظمة في مدارس حزبية وفكرية، وهم مجموع الشباب ممن يحسنون ويدمنون استخدام هذه الوسائط، فهم يومئذ لم يصدقوا أن يجدوا متنفسا بهذه السرعة والسعة والحرية، فطفقوا يبثون همومهم ويحملون (النخب السياسية) مجتمعة مغبة تعطل أشواقهم وأحلامهم في التوظيف وريادة المستقبل !!
* لتعلم الحكومة أيضاً إن عبارة (كلام واتساب ساكت) لم تعد مقنعة!! فبعض الرسائل أضحت تخرج مرقمة ومسمية، وهي تشير إلى فساد وخلل بعينه ورأسه في جهة حكومية ما، مليارات مدير مكتب مدير الجمارك نموذجاً، ففي هذه الحالة ليس أمام الحكومة إلا الخروج إلى الإعلام، لتنفي بما يقنع الرأي العام وتدعو في ذات الوقت إلى كل من يمتلك مستندات في أن يخرج بها، أو أن التهم حقيقية، وفي هذه الحالة تؤكد الحكومة أن موظفها أمام القضاء السوداني العادل، وعلى الجميع الصمت حتى يقول القضاء كلمته !!
* فهنالك قضايا حقيقية تبث في هذه الوسائط تستحق الاحترام والمتابعة، وفي المقابل هناك بطبيعة الحال مقالات وأخبار (مخدومة) من قبل نخب المعارضة تحتاج لتعامل من نوع آخر!!
* فالكتابة في هذه الوسائط لا تحتاج إلى مؤهل أخلاقي ولا شهادات مهنية، ولا تخضع إلى أي نوع من التقييد بعناصر الخبر وأسس كتابة التقارير والمقالات!! فلم يجد البكاء على قيم المهنية ورصانة التحرير، بعد أن فتحت السماء بسيل منهمر من الوسائط والضخ الإلكتروني !!
* غير أنه ليس أمام الحكومة من خيار آخر، سوى أن تشكل في مكاتب إعلام حزبها أو وزارة إعلامها، (وحدة التدخل السريع) لمتابعة ما يضخ يوميا في هذه الوسائط، على أن الذي يستحق الرد تستجلي معلومته مباشرة من الجهات المختصة وتبث في ذات الوقت، فلو ترك الأمر ليوم وليلة سيفعل الخبر فعلته، فإنما الخبر في صدمته الأولى !!
* ليس هناك حرب أكثر فعالية ضد (النظام) من زعزعة الثقة في نزاهته أجهزته وكوادره، وذلك عبر محاصرتها بأخبار الفساد اليومي ما صح منه وما نسج.. فعلى الأقل إن الذي فعلته قصص (مديري المكاتب) بالحكومة، لم تفعله المعارضة خلال ربع قرن من العمل المسلح !!