الصادق الرزيقي

هل بدأ الحوار في تحقيق أهدافه؟


> إعلان السيد الصادق المهدي عن رغبته في العودة منتصف نوفمبر بعد انتفاء أسباب بقائه بالخارج كما قال أمس الأول في ندوة حزب الأمة القومي بداره بأم درمان، ثم اعتزام طائفة من أبناء جبال النوبة وقيادات من الوزن الثقيل الرغبة في العودة من مهاجرهم المختلفة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وإستراليا والخليج، وانخراط عدد من ممثلي وقادة الحركات المسلحة في الحوار الوطني حتي بلغ عدد الحركات المشاركة ثلاثين حركة، والزلزال الضارب بقوة لتماسك الجبهة الثورية المنتظرة شهادة وفاتها، كلها مؤشرات إيجابية بأن فكرة الحوار الوطني بدأت تؤتي أُكلها وتحقق أهدافها برغم عدم انسلاخ الشهر الأول من الأشهر الثلاثة التي حددت للمؤتمر.
> فمن الواضح أن الحوار الوطني مهما كان الخلاف حوله، قطار ينطلق في اتجاهه الصحيح، وبدأ الكثيرون من معارضيه ومقاطعيه يأملون ألا يفوتهم ويتركهم في محطاتهم القديمة، والتحولات السياسية في المنطقة والإقليم وفي الداخل السوداني تجري وتيرة متسارعة ولا تنتظر أحداً، ويبدو أن لكل ناظر حصيف أن النتائج التي ستتمخض عن الحوار، ستكون مقاربة لتطلعات المعارضين، خاصة في ما يتعلق بالحريات السياسية، وكثير من القضايا الخلافية المعقدة التي كانت سبباً في الشقاق والفراق السياسي.
> إذا كان البعض قد بنى معارضته للحوار بنقده واعتراضه على(الإجرائيات)، فإن القضايا التي يتم بحثها ومناقشتها، هي ذاتها التي كانت ستناقش في حال وافقت الحكومة على المؤتمر التحضيري بالخارج. فكل ما تقوله المعارضة اليوم من انتقادات واعتراضات، هي في الأساس احتجاجات في الزمن الضائع ومن على الرصيف البعيد لا تضيف أو تنتقص من أهمية الموضوعات الحيوية. فقد تركوا أصل القضايا وصوبوا انتقاداتهم على الجوانب الشكلية، وأيها أهم هل هو الحوار التحضيري أم الحوار نفسه؟.. فلو انتظرنا ما تقوله المعارضة السياسية والمسلحة، مائة سنة، لما تم الاجتماع التحضيري ولا لقاءً الخارج التفاكري حول أجندة الحوار.
> ولم نجد في حديث السيد الصادق المهدي أمس الأول، شيئاً مفيداً غير رغبته في العودة، كما لم نلحظ في مخاطبة جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي وبقية قيادات الجبهة الثورية وقطاع الشمال، أية فكرة جديدة أو توجه بناء في مسألة التحاور والوفاق الوطني، كلها أحاديث مرسلة ومواقف معلنة من قبل لا شيء فيها يمكن من البناء عليها لإحداث اختراق في العلاقات السياسية المأزومة بين فرقاء الساحة الحزبية، كل ما قالوه تكرار دائري لأحاديث سلفت وسبقت لا تحمل مضمون حقيقي وحيثيات قوية لرفض الحوار والآن عن مناهضته.
> هب أن الحكومة قدمت اليوم تنازلت وقالت إنها ستشارك في لقاء تحضيري في الخارج تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، فما هي الموضوعات الجديدة التي ستوضع في أجندة الحوار؟.. وما هي إجراءات بناء الثقة المطلوبة؟.. إذا طالبوا في اللقاء التحضيري بالحريات فليس هناك غير القرارات الأخيرة برفع القيود عن حرية العمل السياسي والسماح للأحزاب السياسية بممارسة نشاطاتها كما يحدث الآن، وإتاحة حرية التعبير، فهل ستكون هناك قضايا أخرى غفل عنها الحوار الدائر الآن..؟ وهل ستتنزل موضوعات جديدة (من السماء) لم يفتح الله لها قلوب المشاركين في الحوار الذي يدور الآن..
> وهب أن الحكومة قبلت بالتحضيري، فهل ستأتي فكرة عبقرية جديدة تحدد أنساق وآليات وأدوات جديدة غير الراهنة، وهل سيأتي التحضيري بعد أن يشارك بأحزاب وقوى سياسية أخرى مسجلة وغير مسجلة، غير التي نراها اليوم في الساحة بعضها مشارك والآخر اعتزل؟..
> ليس هناك شيء يمكن إضافته، لا شيء تستطيع قوى المعارضة أو مقاطعو الحوار إضافته، فلماذا نعطل فرصة تاريخية ثمينة لننتظر قيادات الخارج وأحلامها؟.. الحوار بدأ ينتج واقعاً مختلفاً، والمساحات التي تكسبها قوى الداخل المنخرطة فيه، والحكومة أكبر بكثير من مساحات المعارضين المنحسرة، ما ربحته الحكومة، خسرت المعارضة السياسية والمسلحة أضعافه.. فكلما تواصل الحوار وبهذا الوضوح والصراحة والشفافية والمجموعات التي تأتي كل يوم زرافات ووحدانا، ستجد المعارضة نفسها في (الصقيعة)، خاصة إن عاد السيد الصادق المهدي واحتل مقعده بين المتحاورين ..!