سعد الدين إبراهيم

يقرؤون


كثيراً ما يشكو الكتاب والكاتبات من كون لا أحد ينتبه إلى كتاباتهم ومقالاتهم وذلك يحبطهم.. لكن مرات يفاجأون بأثر ما يكتبون على عموم المجتمع ليس على السياسيين وحدهم.. من ذلك أنني كنت ومازلت أكتب سلسلة (ود الشواطين).. وفي واحدة من حلقاتها القديمة ذكرت حادثة القبض على لص في الحي.. الذي يسكنه (ود الشواطين) فأوحت له روحه الشريرة بعقاب اللص على ذات النحو الذي يروج الآن في شريط فيديو قبض فيه أفراد أحد الأحياء لصاً فعاقبوه كونهم (القاضي والجلاد).. وصبوا له الشطة على نحو ما فعل (ود الشواطين).. قلت هل أخذ هؤلاء الفكرة من قصتي الخيالية عن (ود الشواطين) وأحسست بفداحة تأثير ما نكتب على الناس أن صح حدسي.. ربما يشفع لي أن خيالي ذاته ربما اعتمد على واقعة مماثلة خبأتها في عقلي الباطن.. وربما يشفع لي أن أفكاراً شريرة كثيرة تتضمنها مسلسلات وأفلام عن الجريمة وشذوذ التصرفات ولا تقع عليها مؤاخذة في كون أن الناس تلقفوها وعملوا بها.
ذات الإحساس بفداحة ما كتبت عن الجميل حبيب الناس “جمال الوالي”.. وكنت عندما بدأ صعود “أوباما” في “أمريكا” وفتنة المجتمع الأمريكي به قبل ترشحه للرئاسة.. قارنت بين “أوباما” الناشئ حينذاك وبين “جمال الوالي”.. وقارنت بين احتمال أن يكون “أوباما” رئيس أمريكا القادم واحتمال أن يكون “جمال الوالي” رئيساً قادماً للسودان، بل كان عنوان المقال هل يكون “جمال الوالي” رئيس السودان القادم؟.. وقد ضمنه الكاتب الرياضي “عمر إدريس” ضمن مقالات نشرها في كتاب. وفي احتفال زواج ابنتي كان “جمال الوالي” حاضراً وأخذنا نتجاذب أطراف الحديث فقال لي في نبرة حزينة.. من ما كتبت موضوعك ده أنا ما عرفت الراحة.. حزنت حينها وفرحت.. حزنت أنني حملت الرجل فداحات لم يكن يتوقعها، وفرحت أن ما نكتبه له تأثير ربما حتى على متخذي القرار.
فإذا كانت فكرة الشطة واللص قد استوحاها منفذها من (ود الشواطين)، فأنا اعتذر خاصة أن أبنائي أنبوني بجرأة وربما بذاءة في الفكرة.. ولم يدر بخلدهم أنه يمكن أن يقلدها أحدهم.. فاحتمل وزراً دون سبب سوى أعمال الخيال.
وكثيراً ما استمعت أو قرأت لكاتب عندما يسألونه هل كتبت موضوعاً ندمت عليه فيقول لم يحدث.. أنا ضد ذلك فقد نندم على موضوعات كتبناها في تعجل أو دون تمحيص أو بالاعتماد على أنباء الفاسقين فلم نتبين فأصبنا من أصبنا بجهالة فيما كتبنا.. فهل إن سئلت ذات السؤال أقول: إنني ندمت على حكاية (ود الشواطين) تلك.. مع أنني لا أستطيع الجزم بأن أولئك استوحوا الفكرة مني.. وربما يكون وسواساً فقط أعوذ بالله من شر الوسواس الخناس.