منى سلمان

تشموهم قدحة !!


تبادلت الفضاءات الاسفيرية السودانية خبر (هاشتق) وردت على تويتر، تحكي عن أماني بعض بنات يعرب من شواطئ المغرب العربي، وتطلعاتهن الخيالية التي زينت لهن فكرة الزواج من سودانيين ولعلها حملت عنوان (ارغب في الزواج من سوداني) .. هوي يا بناتي .. اقعدن في علبكن لمن يجيكن طلبكن .. قالوا الزاد ان ما كفا أهل الدار حرم علي الجار ! وكت نفك اولادنا يطيرو لـ بلاد فاس الما وراها ناس .. تاني البعرس بنوتنا منو ؟ أكان تبادل منافع غايتو مافي مانع نقبل مع الكراهة .. يدونا أحفاد طارق بن زياد ونديهم نحنا نوارة الشباب، ماذا وإلا بين البايع والشاري يفتح الله .. اولادنا ديل تشموهم قدحة !!
حقيقة لا أدري ان كانت هناك احصاءات حديثة، تبين لنا مدي انتشار ظاهرة زواج الاجانب بين الشباب السوداني من الجنسين، فقد تعودنا من قبل ومن ضمن اسباب عديدة، على فرار بعض شبابنا بجلودهم من نار تكلفة الزواج من سودانيات، ولكن ما يطفو على السطح يوحي أن الزواج من غير بني السودان انتشر فى الآونة الأخيرة بين الذكور والإناث ..
حسنا، نحن نعلم أن خلاسية الواننا ودمائنا الـ (بعض زنجية وبعض عربية)، قد جاءت من هكذا زيجات مختلطة، نتاج هجرات العربان لارض السودان منذ عصور وازمان، ثم كان أن انتشر الأمر ابان سنين الاحتلال، فتزوج السودانيين من بنات الريف والترك والشوام، ثم عندما طارت بهم اجنحة الترحال لاروبا وبلاد العم سام مالوا للزواج من بنات الفرنجة بحثا عن الدفء واللقمة وشرعية الاقامة ..
أما في عصرنا الحديث جدا فهناك عدة عوامل تدفع نسبة كبيرة من أبناءنا إلى استيراد الزوجات من الخارج، فبالاضافة كما اسلفنا لارتفاع تكلفة الزواج من بنات البلد، يعيش الشباب نوع من الغربة الوجدانية والانبهار بالانموذج الغربي للجمال وهو البياض والشعر الطويل واجادة التبرج، والأهم (حسن التبعل) الذي لا تجيده ولا تحبذ التعامل به السودانيات، فـ الزوجة المستوردة عادة ما تقوم بغمر زوجها المسكين فاقد الحنان بمعسول الكلام، وتمارس عليه (تملس الكدايس)، وربما قامت عند عودته من العمل مرهقا بفرك اقدامه المتورمة بالملح والماء الساخن .. الشي كرعين وللا مخلل ؟!
الغريبة تشكو النساء السودانيات من غلظة وجفاف عواطف ازواجهن، وينسين انهن يعافن حركات البلبصة والكشكرة وسكب الحنان الذي تبرع فيه الاجنبيات، بينما تعتبره نساءنا المخشوشنات خلقة، نوع من العوارة وقلة القيمة واذلال النفس في غيرما لازمة أو لزوم ..
من الجهة المقابلة نجد أن خوف العنوسة، والعجز عن الايفاء بمطلوبات معيشتهن بكرامة، هو أول ما يدفع بالاسر للرضى بتزويج بناتهم لـ ابناء السبيل، ممن ساقهم البحث عن الرزق لارض السودان .. عمالة نظافة .. تنقيب عن البترول .. تمريض وتطبيب .. طرق وكباري، أو حتى استثمارات المطاعم واعمال البناء والتشييد التي اجتذبت المصريين والشوام .. كل تلك المجالات التي استجلبت رأس المال الاجنبي، جاءت معها بعمالة من العزابة، اغلبهم جاء للسودان فرادى باعتبار ان بلادنا بلاد شدة لا تحتمل قساوتها أسرهم، والتي لم تتعود على العيش في بلاد تعاني من عنت فوق مستوى الشقاوة بدرجتين، وبالتالي بحث العزاب منهم عن اللقمة وموضع لخت الراس، وليس ايسر ولا ارخص من خيار الزواج لتلبية تلك الاحتياجات .. المشكلة انهم لما الواحد فيهم يقنع من خيرا في السودان يفك بناتنا عكس التيار ويقول يا فكيك ..
على كل حال لا يشكل زواج الشاب السوداني من الاجنبية عنصر قلق، بنفس ما تفعل زيجات بناتنا من غير اولاد البلد، فمازلنا رغم الظروف فينا من النخوة ما تجعلنا نستنكف ان تتعرض اعراضنا للدردرة وسوء المعاملة وقلة القيمة من الغرباء، وبغض النظر عن اختلاف الجنس بنت أو ولد، فهناك نظرة سالبة للزواج المختلط، فالبعض يري أن هذا الزواج يحمل طبيعة معقدة نظراً لوجود اختلاف فى العادات والتقاليد، وخصوصاً بعد انجاب الأطفال وتعرضهم للتجاذب بين ثقافة وعادات وتقاليد الوالدين، ومنهم من يراها ظاهرة حضارية فيها انفتاح وتلاقح حضارات، وان الابناء من تلك الزيجات يكونون اكثر صلابة وتناغما مع أي تغير .. بل واكثر فلاحة ودردحة.