الطاهر ساتي

تداعي وتخبط ..!!


:: مسرح الرجل الواحد، من فنون المسرح ، و لم ينتشر بحجم الفنون الأخرى.. وقد يكون أقل الفنون جمهوراً وعرضاً ونقداً..يؤدي فيه الممثل الوحيد كل أدوار القصة ومشاهدها المتناقضة..هو الخائن والبطل في ذات اللحظة، وكذلك هو الشرطي واللص و كل الشخوص.. وبالتأكيد، إذا مات هذا الممثل أو غاب لأي عذر آخر في ليلة العرض، تغيب المسرحية ويحل الظلام على المسرح .. باختصار، مسرح الرجل الواحد كما الهلال والمريخ ..!!
:: لم يمض شهراً على إستقالة جمال الوالي من رئاسة نادي المريخ، وها إعلام المريخ – الأخ مزمل أبو القاسم مثالاً – يصف حال المريخ ويكتب راثيا : ( المريخ يتداعى)، ويستنجد بالحكومة طالباً المال والرجال لانقاذ المريخ من التدهور الراهن ..وهذا حال الهلال أيضاً، يتداعى – كما المريخ تماماً – منذ أن سلم أمره لرئيس يكاد أن يهبط به بعد أن ( تخبط به)..وهكذا تتجلى مخاطر وعيوب مسرح الرجل الواحد، ليس في الهلال والمريخ فقط، بل في كل البلد تقريباً..!!
:: قبل شهر، كان جمال الوالي هو كل المريخ، جماهيراً وأقطاباً وإدارة ..والمؤسف، لا هؤلاء فكروا في إخراج المريخ من قبضة الرجل الواحد بمؤسسية ترسخ العمل الجماعي في النادي بحيث لا يتداعى الفريق إذا غاب الوالي، ولا الوالي فكر في تحويل مسار العمل الإداري بالنادي من مسار إدارة الرجل الواحد إلى مسار الإدارة الجماعية..ومع ذلك، أي رغم أن الإدارة السابقة لم تفعل شيئا غير ترسيخ نهج الناظر والملك، والذي يدفع ثمنه النادي حالياً، ها هم يتباكون عليها ويطالبون بعودتها مرة أخرى..ولله في تقييمنا للأمور شؤون..!!
:: والمهم..ما يحدث للمريخ والهلال – تداعياً كان أو تخبطاً- كان يجب أن يكون مٌحفزاً لكل جماهير الرياضة وأقطابها – والدولة – للتفكير السليم في كيفية صناعة المؤسسية – نُظماُ وأمولاً وإدارة – في الأندية الرياضية بحيث لاتتداعى بغياب الوالي و غيره ، وكذلك لكي لا يتحكم في مصيرها – ويهبط بها أو يتخبط بها – الكاردينال أو أي مهرًج آخر.. للأسف، لم ولن يتعظوا من التجارب والدروس لحد البحث عن المؤسسية المفقودة في الأندية، بل سوف يتواصل نهج البحث عن (رجل واحد آخر) تلو (رجل واحدآخر)..كما الحال في الأحزاب أيضاً..!!
:: وعليه، محض مناشدة لمن يهمه أمر الرياضة..لكي لايكون المريخ (متداعياُ) بعد الوالي ولا الهلال (متخبطا) مع الكاردينال، وبدلا عن مطاردة آدم سودكال و أبوقاسم برطم و صلاح قوش وغيرهم من أبطال مسرح (الرجل الواحد)، فكروا ثم قرروا تغيير نظم القرون الوسطى التي تًدار بها الأندية ..بالشروع في تأسيس نظم الإدارة الإحترافية، كما الحال بأندية مصر وتونس (عربياً)، وكل الأندية العالمية ..كرة القدم اليوم لم تعد مجرد (هواية) و(تهريج)، بل إرتقت وصارت صناعة وتجارة وإستثمار و..سياسة خارجية أيضاً..!!
:: وتلك أشياء لن تحققها أندية تُدار بنهج مسرح الرجل الواحد.. فالأندية السودانية، كما أندية العالم، بحاجة الى نظم إحترافية تشمل الإدارة والتدريب واللاعب معا، وليس التدريب واللاعب فقط..والهلال والمريخ لاينقصهما المال كما يتوهم البعض، فالجماهير المقدرة بالملايين هي أكبر رصيد لو وجدت إدارة إحترافية..وليس هناك ما يمنع أن تكون للأندية إستثمارات غير عدم وجود تلك الإدارة المنشودة.. وليس هناك ما يمنع أن يكون رجال المال بأن يكونوا جزء من نظم الإدارة الإحترافية بالدعم والمساندة، وليس بالإدارة المطلقة لحد التداعي بذهاب أحدهم والتخبط بوجود الآخر ..!!