تحقيقات وتقارير

الكونغرس في الخرطوم.. تفاصيل زيارة تثير التساؤلات


تكتسب زيارة وفد الكونغرس الامريكى للخرطوم اهميتها باعتبار انها تأتى فى فترة المخاض المتعسر فى طريق تطبيع العلاقة بين البلدين – وذلك بالرغم من ان العلاقة فى العام المنصرم اخذت تردفد فسحة للامل- فالتاكيد على الرغبة فى تحسين العلاقات كان حاضرا ولم يتم تغيبه فى احرج اللحظات وهذا لم يكن متوافرا فى الماضى- وللكونغرس اهمية كبرى ليست فى ميزان السياسة الامريكية الداخلية وحسب بل وعلى المستوى الدولى وذلك لان الدستور الامريكى منحه صلاحيات كبري تقارب لدرجة المساواة لصلاحيات الرئيس الامريكى، فهناك عوامل تاثير لكل من الرئاسة والكونغرس على الاخر، فبينما منح الدستور الرئيس الامريكى حق النقض فى حال اعتراض الكونغرس على قرارات ذات علاقة بالامن القومى الامريكى اعطى الكونغرس حق عرقلة الموازنة بالاضافة لحقه على موظفى مكتب الرئاسة، فزيارة وفد من الكونغرس وحضوره لجلسات البرلمان السودانى يعد فى ذاته تطورا نوعيا ويعد هذا مؤشر ان القناعة ترسخت لديه بضرورة الوقوف على الحقائق من الحكومة السودانية وابتدار حوار مباشر معها.
بينما كان فى السابق يعتمد بشكل رئيس على تقارير المنظمات الطوعية وجماعات الضغط، وقد يكون الامر نتاجا لاستفاقة بعد قرار الامم المتحدة الاخير الرافض للعقوبات الاحادية او لحالة الضمور التى اصابة جماعات الضغط حيث تقلصت موارها المالية حيث كانت تتحصل عليها من تبراعات المواطن الامريكى المنفعل مع القضايا الانسانية وهذا بدوره يعود للازمة الاقتصادية ولتحول اهتمامات المواطن الامريكى حول تامين حقوقة فى الضمان الاجتماعى والرعاية الصحية وقضايا التوظيف -المتغير الاخر و الجديد كليا والاكثر جدوى والذى ابتدرته الحكومة السودانية – متمثلا فى مخاطبة الغرب باللغة التى يتحدثها، حيث ركزت الحكومة ومنذ العام الماضى على استخدام منظمات المجتمع المدنى كالية لمقاومة العقوبات الامريكية حيث قدمت المنظمات السودانية تقرير شامل فى القمة الافريقية الاخيرة اوضحت فيه حجم الاضرار التى لحقت بالقطاعات الصحية والخدمية والتنموية.
الامر الذى جعل القادة الافارقة يتبنون وبالاجماع مخاطبة الامم المتحدة ودعوتها للتحرك ضد العقوبات الامريكية على السودان، وفى اجتماعات مجلس حقوق الانسان بجنيف، ورغم التهديدات التى تسربت باعادتها للبند الرابع لم يكن لمينع هذا التهديد، الخرطوم من اطلاع المجتمع الدولى على الاثار الانسانية للعقوبات الامريكية، الامر الذى ساهم فى ابقاء السودان فى البند العاشر مع التوصية بمساعدته فى العوامل التى تساعده فى تطبيق خطته المقدمة لترقية العمل الانسانى فى المجالين الفنى والقانونى، الامر الذى يمكن اعتباره نجاحا للحكومة السودانية فى محاصرة العقوبات الامريكية بمساندة المنظمات الدولية وتمنح هذه الزيارة سانحة للبرلمان السودانى لمحاورة اخر القلاع المستعصية على التعاون بتوضيح الحقائق فيما يتعلق بالاوضاع بدارفور والجهود التى قدمها السودان فى اطار مؤامة قوانينه مع مطلوبات القانون الدولى – يمكن القول ان العام2015 هو عام التحولات الكبرى التى مرت بالكونغرس فى العقد الاخير – حيث اجاز رفع العقوبات عن كوبا وقاد صراع كبير مع الرئاسة حول الاتفاق مع ايران – جاءت رسالة اوباما بشأن تجديد العقوبات على السودان مصحوبة بعبارات تستدعى اهتمام الكونغرس، وذلك بتأكيده ان السودان يشكل خطر استثنائى للامن القومى الامريكى، فهل تأتى زيارة وفد الكونغرس للوقوف على هذا الخطر الاستثنائى وفقا لتوصيف الرئيس الامريكى، التي أعتبرها بعض المراقبون بان اوباما حاول بالتجديد المصحوب بهذه الاتهامات الجزافية للسودان تهدئة الحرب التى تصاعدت مع الكونغرس حول الاتفاق مع طهران.

صحيفة الوان