أم وضاح

نور شمعة!!


اتصلت علىَّ ذات صباح سيدة عرفتني باسمها “نور” وصفتها بأنها تقود منظمة طوعية للأطفال مجهولي النسب، وأكثر ما لفت نظري أنها صاحبة صوت مميز مستحيل أن تنساه حتى لو سمعته مرة واحدة، زينته بحديث واع وفكر متقد ورسالية مطلقة وهي تتحدث وبمسؤولية واعية عن كيف أن المجتمع ينبغي ألا يلفظ هذه الشريحة الضعيفة التي جاءت للوجود دون اختيار منها، لتدفع ثمن غلطة أو نزوة وتتحول في نظر المجتمع من ضحية تحتاج الدعم والمساعدة إلى مجرم مدان يؤدي في عقوبة عن جريمة لم يرتكبها. وتظل العقوبة تطارده في عيون الناس وهمهماتهم وأحاديثهم سراً هذا إن لم يصبح مجهول النسب مجرد وباء أو مرض يبتعد عنه الناس وكأنه سيصيبهم مرض عضال.
حدثتني “نور” أو (ماما نور) كما يطلق عليها أن هذه المنظمة وتقصد شمعة احتفظت لنفسها بخط مغاير في علاج المشكلة بشكل مختلف، إذ أنهم غالباً ما يسعون للوصول إلى والد الطفل وبذل محاولات معه حتى يعترف بأبويته ومنحه اسمه حتى لا يخرج للمجتمع مقطوعاً عن الجذور بلا اسم أو تفاصيل. وقالت لي إنهم في المنظمة يتكفلون بالدعم النفسي الكامل خاصة لبعض حالات الاغتصاب التي ينتج عنها “حمل” تعجز الأسرة عن احتمال تبعاته، فيقومون في شمعة بمتابعة الأم نفسياً وصحياً حتى ولادتها. وكل الحماس والغيرة والفهم الذي كانت تتحدث به “نور” كان يمثل بالنسبة لي مفاجأة أن تكون هناك سيدة بهذا الدفق الإنساني المحير وهذه القوة على تحمل المسؤولية والإصرار على تحقيق أهداف وغايات لهذه الشريحة المهمشة، لكنني ما كنت أدري أن “نور” تدخر لي المفاجأة الكبرى حيث أخبرتني أنها جاءت هذه الدنيا لتجد نفسها بلا أب ولا أم ولا أسرة لتكون دار الرعاية هي كل دنياها وحياتها ومستقبلها، وألجمتني المفاجأة من هذه الإنسانة التي تخطت (عقبة) يمكن أن تدمر حياة أي بني آدم لكنها تجاوزتها بصبر وإيمان وحولت كل الطاقة السلبية في داخلها إلى طاقة إيجابية وجهتها لخدمة هذه الشريحة.. و”نور” الآن سيدة متزوجة وأم لشباب من رحمها زي الورد لكنها تكفل شاباً وشابة من ذات الشريحة يدرسان في المرحلة الجامعية.
أمس استمعت إليها تتحدث في مساء (الجمعة) عن قضيتها التي وهبت نفسها لها وهي توقد شمعة تضئ ظلام هؤلاء المجني عليهم ليستوعبهم المجتمع دون أن يلفظهم أو ينظر إليهم شذراً وهذا ما يلقي بالمسؤولية على المجتمع، أن لا يتبرأ منهم ويتعامل معهم على أنهم (منبوذون) أو أشباح بل هم فصيل يمكن أن يساهم في الإنتاج والعمل زيه وزي أي شخص آخر.
فالتحية لنور التي أوقدت نور شمعة من نار معاناتها وأحاسيسها المتقدة تجاه شريحة لم تتنكر لها أو تنكر أنها تنتمي لها بدلالة أنها جعلت هذا الإحساس هو الوقود الذي تدفع به عجلات شمعة، لتدعو من خلالها إلى الخير والفضيلة وفي ذات الوقت للتوبة والسعي للمغفرة وخير الخطائين التوابون!!
كلمة عزيزة
كثير من الشركات التي قامت بدعوى حل ضائقة أو مشكلة تصبح بعد فترة هي الضائعة والمشكلة نفسها، وأكبر دليل على ذلك شركة مواصلات الخرطوم والتي جاء في الأخبار مؤخراً أنها تخسر حوالي (900) جنيه يومياً هذا بالإضافة للعمالة التي تفوق عدد البصات نفسها.. فلماذا الإصرار على أن تواصل الشركة عملها رغم أنها ترهق الخزينة العامة وتصبح عبئاً عليها . مؤكد أن وراء استمرارها شخص أو شخوص مستفيدون وعندهم فيها فهم.. فيا والي الخرطوم أفتح ملف شركة مواصلات ولاية الخرطوم وستكتشف أنك دخلت عش الدبابير!!
كلمة أعز
في تقرير عالمي موجود الآن على الانترنت صرحت دبي العقارية أن السودانيين يحتلون المرتبة التاسعة في ترتيب المستثمرين للعقارات بمدينة دبي، وبالتأكيد من يقرأ الحالة الاقتصادية السودانية، يستغرب لهذا الموقع الصداري في الاستثمار بمدينة مترفة دبي، لكن مؤكد سيزول الاستغراب إذا علمت أن منظمة الشفافية العالمية صنفت السودان ضمن الدول الأكثر فساداً في المركز قبل الطيش، الذي احتلته الصومال. وسلام مربع لمفوضية مكافحة الفساد.