مقالات متنوعة

حسين حسن ابراهيم : بنمسكه من الكبري


(1)
تعدد وتتلون ، وتولد ، وتنشطر وتتكاثر الاخفاقات في بلادنا بشكل لايحتمل، اينما تلفت تجد اخفاقا شائنا بائنا.
باتت لاتعد ولاتحصى ، ولنقدم نموذجا حيا ، يقف شاهدا لا تخطئه عين ، علينا كما تقول تلك الاغنية التي تضج من اي كافتريا او ركشة او هايس ، ان “نمسكه من الكبري”.
والكبري الذي نريد الاشارة له هو كبري “الدباسيين”.. اصبح اسمه لوحده علامة جودة لفشل حكومات ولاية الخرطوم المتعاقبة منذ بدايته قبل عقد من الزمان.
وقبل ايام يقول المراجع العام في تقريره امام البرلمان بخصوص الكبري “قد اضطرت الولاية إلى التعاقد مع عدد من المقاولين والاستشاريين نتيجة للإخفاقات المتتالية في أداء المشروع، وكانت البداية منذ العام 2005 بعقد مدته سنتين بتكلفة تبلغ (37) مليون دولار، ولم توفق كل الشركات التي تعاقبت على المشروع في الانتهاء في الموعد المحدد.
(2)

حكاية الفشل التي دخلت عامها العاشر انطلقت من شركة اوزشين التركية عام 2005 والتي قيل انها دخلت من باب المجاملة وانها لا تمتلك اي انجازات في مجال تشييد الكباري ، وبعدها تواصلت الشركات تركية وطنية غير محلية صينية ، وهكذا ..
وكل شركة تأتي ترفع التكلفة أكثر من الاخرى، ولاشئ يحدث ، ولاتقدم يذكر ..
كل مرة يخرج مسؤول حكومي ليعلن ان المشكلة تم حلها ، حتى بدون ان تدفع الولاية جنيها واحدا ، وان شركة اخرى ستقوم بالعمل .
ثم لاشئ ، صوت صرير ريح الفشل…
وبلغ الامر بالناس لحياكة الاساطير ، بان ثمة (جان) في قلب النهر منع من اكمال العلبة (27 واختها 28).. واساطير اخرى عن ان احدى (العلب) تبتلع كل ما يرمي في جوفها، مثلها مثل المسؤول الفاسد الذي لا يشبع مطلقا من اكل المال العام ..

وتستمر حكاية الفشل والعام الماضي نقرأ تصريحات لمسؤولين بان المشاكل تم حلها بالكامل وان العمل سيستأنف اخيرا بعد توقف …
وامس يحكي لي رجل عاصر حكاية الكبري من بدايتها، ودون الخوض في تفاصيل كثيرة ، قال لي تخيل اننا قبل ايام قليلة اكملنا عاما كاملا دون ان نحرك حجرا..العمل متوقف تماما منذ عام ونحو عشرة ايام .

(3)
نحن بانتظار خروج مسؤول منصف لتشكيل لجنة للتحقيق او المراجعة والمحاسبة لكل من اخطأ في امر كبري الدباسيين …
بانتظار مسؤول يحدث الناس بشفافية ان الحديد الصيني .. فشل وان الحديد الذي استجلب من بعده من مصر ايضا فشل ، وان الامر من بدايته وتخطيطه وساسه واساسه فاشل ، والفشل لا يولد الا الفشل ..
ويحدثهم بصدق عن ماذا حدث ولماذا يستمر الاخفاق.؟؟؟
لاتدعو الناس عرضة للاساطير والشائعات وحكايات الفساد، والفشل، والقطط السمان.
تعلمون ان الشعب السوداني مبدع في نسج الاساطير .. فقبل ايام صنع اسطورة (ابو القنفد) الذي يباع بعشرات الملايين ومن قبلها صنع اسطورة (المكوة) بذات الارقام ، وصدق الامر جزءا ضخما من ابناء هذا الشعب المسكين .